Site icon IMLebanon

هل يصب زلزال سوريا في مصلحة انتخاب فرنجية؟

 

 

منذ وقع الفراغ الرئاسي يظنّ اللبنانيون أنّهم قبلة الإهتمام الدولي والإقليمي وأنّ عين الدول على انتخاب الرئيس المقبل للجمهورية. وتكمن المفاجأة حين تلمس استغراباً في الأروقة الديبلوماسية كيف يعول اللبنانيون على الخارج لإنجاز إستحقاق لبناني داخلي. من وجهة نظر ديبلوماسية مراقبة هي ربما من أكثر الفرص السانحة لأن يتفق اللبنانيون على رئيسهم. المطلوب إذاً الإتفاق الداخلي لكن عناصره مفقودة لعدم وجود تواصل بين الأطراف المعنية. لم يسبق أن اختار لبنان رئيسه وتم التصدي لخياره من أي من الدول المعنية بملفه والتي تعتكف عن التدخل بالمباشر إلا بثمن لم يتأمن بعد.

 

خارجياً كان ولا يزال يُنظر إلى لبنان على أنّه رسالة أو ساحة لتصفية الحسابات أو صندوقة بريد، وهو لا يزال كذلك. رسالة من وجهة نظر الفاتيكان المهتم بالحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان، بينما تريد فرنسا الحفاظ على موطئ قدم لها في الشرق من بوابة لبنان والحفاظ على تاريخها الثقافي المهدد. الرياض قد تفكر بمبادلة التسوية الرئاسية بالوضع في اليمن، أما أميركا المرتاحة على وضعها بفعل ما نالته من الترسيم فلا ضير لها في أي رئيس لا ينتمي بالمباشر إلى «حزب الله». ورغم ذلك يمكن للبنان أن يحدث خرقاً بخيار داخلي سيتم التسليم بانتخابه لكن المعضلة هي في الداخل.

 

في بورصة الترشيحات من وجهة نظر ديبلوماسية، ترجح حظوظ رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية في الوقت الراهن وتقدمها على ما عداها. فالأسماء المتداولة من أمثال صلاح حنين وجهاد أزعور لم تصل إلى مستوى من الجدية في الطرح حتى من قبل متبنيها، يقابلها ترشيحان مثار نقاش هما قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس «المرده». يواجه ترشيح قائد الجيش عقبات دستورية لحاجته إلى تعديل دستوري مستبعد لا بل مستحيل في ظل التركيبة النيابية الحالية والتشنج السياسي الطاغي، فيما الثاني مختلف عليه ويرفضه طرفان أساسيان هما «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» ويصعب على متبني ترشيحه تأمين الأصوات اللازمة لإنتخابه، لكن الخلاف بشأنه من وجهة نظر مراقبة، قابل للنقاش سواء في الداخل اللبناني أو في خارجه. المسألة ليست مبدئية لدى الجميع بل هي عرض وطلب ضمن تسوية مطلوب أن تكون شاملة ولا تقتصر على بند إنتخاب الرئيس فقط.

 

من الوجهة الديبلوماسية ذاتها، هناك معارضة تمس بالمبدأ وأخرى عرضة للعرض والطلب، والثانية هي الأساس في مقاربة ترشيح فرنجية والذي يمكن أن يتحول إلى «مرشح ملك» إذا اقتنعت الرياض وتمنت على حلفائها ملاقاته إلى صندوق الإقتراع في مجلس النواب.

 

المطلوب أن يكون المعارض، أياً كان، من الكتل المسيحية شريكاً في صناعة انتخاب فرنجية وفي حكمه. في رأي المراقبين يمكن فتح النقاش بشأن ترشيح فرنجية لأنّه المتقدم على الآخرين حالياً. لا تلمس المصادر الديبلوماسية المراقبة أن ترشيح النائب ميشال معوض سيستمر لكنها لا تستبعد أن يكون الزلزال الذي أصاب سوريا وتركيا عاد بالفائدة على انتخابات الرئاسة في لبنان وأعاد الإنفتاح العربي على النظام السوري، وكان الأبرز فيه الشق المتعلق بالعلاقة السعودية – السورية ما قد ينسحب إيجابياً على حظوظ فرنجية حليف سوريا والأقرب إليها من الأسماء المرشحة، قد لا تعارض الرياض وصوله ضمن سلة كاملة متكاملة خصوصاً أنه لن يشكل ضرراً على مصالحها.

 

بحسب ما لمس المشاركون في اجتماع باريس أنّ الرياض ترغب أن تأتي الإنتخابات الرئاسية في سياق اتفاق عام يشمل رئاسة الحكومة. لا ضير لديها إن كان الرئيس الماروني قريباً من فريق الممانعة كفرنجية الذي دعي الى حفل الأونيسكو المحتفي بالطائف وجلس في الصف الأمامي. في الأساس هي تريد من إيران ملف اليمن والعراق ولا تمانع وجودها في النقاش حول ملف الرئاسة في لبنان بدليل الإصرار على حضور قطر في الإجتماع الخماسي والتي تربطها علاقة حسنة مع إيران. إذاً كان لحضور قطر مبرراته وهي التي تربطها علاقة طيبة مع إيران وقد أصرت على إشراك مصر لإضفاء مزيد من الحشد على المشهد بينما الكل يعلم أن كلمتها هي الفصل.

 

باعتقاد المصادر عينها وحسب تحليلها، لن تعارض السعودية إنتخاب فرنجية ولا تضع أميركا فيتو على خياره بدليل ما قالته السفيرة الأميركية دورثي شيا لرئيس مجلس النواب نبيه بري. ولو كان موقف بلادها ضد انتخابه لعبرت بطريقة مغايرة. بحسبها يجب على لبنان أن يلتقط اللحظة وإلا لن يتنبه إليه الخارج وسيبقى على خارطة الإنتظار طالما أن التطورات المؤثرة ستسير بوتيرة بطيئة.