Site icon IMLebanon

نصر الله يتحدّى المسيحيين رئاسياً… “القوات”: لا حوار ولا تسوية

 

قبل أن يُعلن رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ترشحه لرئاسة الجمهورية رسمياً، أتى هذا الإعلان على لسان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، ليُصبح فرنجية مرشح «الثنائي الشيعي» و»محور الممانعة»، ما ينزع عنه صفة «الرئيس التوافقي»، على رغم محاولة «الثنائي» إلباسه ثوب «التوافق» الذي لا يتلاءم مع مقاسه السياسي، لا بحسب معيار أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين وحجمه النيابي والشعبي، ولا وفق المقياس الخارجي وتحديداً السعودي، كما تشير المواصفات التي تحدّدها الرياض للرئيس الذي يُمكنه ربط العلاقات معها مجدداً.

 

المجاهرة بدعم ترشيح فرنجية بعدما كان المُرشح غير المُعلن لـ»الثنائي الشيعي» طوال 6 أشهر، تشير إلى نقل المواجهة الرئاسية إلى مرحلة جديدة، قد تكون محصورة بمعادلة: «فرنجية أو الفراغ»، أو خطوة أولى لفتح الباب إلى تسوية رئاسية مع الداخل والخارج، بعد تعذُّر انتخابه وإظهار «الحزب» لحليفه أنّه سخّر كلّ جهده وأسلحته السياسية لإيصاله إلّا أنّه لم ينجح في ذلك. لكن حتى لو كانت الفرضية الثانية مطروحة، إلّا أنّ «الحزب» لا يناور بدعمه لفرنجية، وسيستمرّ في المحاولة جدياً لضمان انتخابه، ولن «يسلق» المراحل لتخطّي هذا الترشيح والوصول سريعاً إلى تسوية تأتي باسم آخر إلى سدّة الرئاسة الأولى.

 

وتؤكد مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي» أنّ «فرنجية مرشح جدّي وكلّ شيء وارد»، معتبرةً رداً على عدم إمكانية انتخاب رئيس «المردة» حسابياً، أنّ «العبرة في الخواتيم، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي يتطلّب وقتاً»، جازمةً بأنّ «الثنائي» لا يزال على «الخطة أ» رئاسياً ويعمل على إيصال فرنجية بـ»التفاهم وليس بالفرض». يُفهم من كلام نصر الله أمس الأول، وكشفه عن لقائه برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والحديث الرئاسي الذي دار بينهما، أنّه لا يزال يعوّل على حلفه مع باسيل لتسهيل عملية انتخاب فرنجية، أقلّه لجهة تأمين النصاب والميثاقية المسيحية لجلسة الانتخاب وربّما لـ»تسريب» أصوات بعض نواب تكتل «لبنان القوي» لمرشح «الحزب». كذلك لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري يعوّل على تبدُّل في موقف رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط لجهة تأييد فرنجية، إضافةً إلى اقتناعه بإمكانية نيل فرنجية «رضى» الرياض. هذا فضلاً عن استمالة أصوات نواب مستقلّين، متى انضمّت إلى التسوية دول وكتل كُبرى.

 

أي مشهد من هذا السيناريو الرئاسي لم يُكتب بعد، ولا يزال الطريق إلى القصر الجمهوري في بعبدا مقطوعاً أمام فرنجية، وأضيف عائق جديد إلى هذا الطريق عبر لصق صفة مرشح «الممانعة» على بطاقة التعريف الرئاسية لـ»الزعيم الزغرتاوي». لذلك ترى جهات سياسية، أنّ نصر الله يستثمر ورقة ترشيح فرنجية إيرانياً لتقوية موقع طهران التفاوضي مع السعودية، ولرفع مستوى المواجهة مع العواصم الغربية والعربية المعنية بالوضع في لبنان. في المقابل، ترى جهات أخرى، أنّ التوقيت له دوره الأساس في خطة «حزب الله» الرئاسية، ومتى يحين موعد التسوية سيكون جاهزاً لها.

 

في كلّ الحالات الرئاسية، وإذا نجح «الحزب» في إرضاء باسيل ونيل مبتغاه منه رئاسياً أو استمال جنبلاط إلى ضفته، أو تمكّن بمؤازرة طهران من مقايضة الورقة الرئاسية في لبنان مقابل أوراق أخرى في اليمن أو غيرها مع الرياض، سيبقى حزب «القوات اللبنانية» على موقفه رئاسياً، ولن يدخل في أي تسوية تُنتج رئيساً ممانعاً. فبالنسبة إلى «القوات»، إنّ أي رئيس ينتمي إلى «محور الممانعة» لا تنطبق عليه مواصفات المرحلة وشروطها. ولن تنضمّ «القوات» إلى تسوية كهذه لسببين رئيسيين:

 

الأوّل، لا يُمكن الذهاب إلى أي تسوية مع الممانعة، فلا يُمكن الوصول إلى مساحة مشتركة مع هذا الفريق طالما أنّه يفرض توجّهه، خلافاً لإرادة اللبنانيين والمسيحيين والإرادة البرلمانية.

 

الثاني، من أهداف التسوية محاولة الخروج من الانهيار، فهذا الشرط الأساس لهذه المرحلة، والإنقاذ لا يُمكن أن يتحقق عن طريق فريق الممانعة، وهذا ثبت بالتجربة.

 

وإذ إنّ «القوات» تعتبر أنّ ميزاني القوى الداخلي والخارجي لا يسمحان بوصول «رئيس إيراني» في لبنان، ترى أنّ إعلان نصر الله دعم ترشيح فرنجية الهدف منه، إمّا استدراج عروض خارجية وإمّا محاولة لنقل مسؤولية الشغور الرئاسي إلى حضن فرنجية بدلاً من أن تكون في حضن «الثنائي الشيعي»، تمهيداً لإحراجه فإخراجه.

 

وفي حين حاول نصر الله «إحراج» الفريق المعارض السيادي، وعلى رأسه «القوات»، من دون أن يسمّيها، بالغمز من قناة تعطيل نصاب انتخاب فرنجية، وتلويحه بأنّ لبنان في حاجة إلى التهدئة والحوار والتواصل، وإلّا «علينا التعايش مع الفراغ الرئاسي»، تتمسّك «القوات» بموقفها المنطلق من أنّ مصلحة لبنان تقتضي منع وصول رئيس ممانع يعمّق الأزمة والانهيار. فليس «توقيت» نصر الله الملائم ما يتحكّم بالمسار الدستوري في البلد، وكان يجب عليه التزام المهل والآلية الدستورية منذ الأول من أيلول الماضي، ولم يفعل.

 

وتجزم مصادر «القوات» بأنّ «لا حوار مع هذا الفريق لا من قريب ولا من بعيد، فنحن أمام مسألة انتخابية، فضلاً عن أنّ هناك خلافاً بين مشروعين ورؤيتين، والمرحلة تتطلّب رئيساً إنقاذياً وليس رئيساً ممانعاً». لذلك، ستستمرّ «القوات» في مسار «المواجهة المستميتة» لوصول رئيس ممانع، ولن تُعطي أي فرصة لانتخاب فرنجية، ففي حال انتخاب رئيس ممانع، سيبقى لبنان في حالة الانهيار، وعندها ستواجه «القوات» التركيبة كلّها كما سبق وأعلن رئيسها.