يعتبر “حزب الله” من أكثر القوى السياسية التي تستطيع التعامل مع الحلفاء، إذ إنه يتركهم يغنّون موّالهم، وعندما يحتاجهم يعيدهم إلى بيت الطاعة لكي يطبقوا السياسة الاكبر التي تتخطى حساباته حدود لبنان.
يُصنَّف رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بأنه قوة مناطقية شمالية على رغم تصوير نفسه أنه زعيم ماروني، في حين ورث النائب جبران باسيل رئاسة “التيار الوطني الحرّ” من عمه الرئيس ميشال عون، وبالتالي دار الصراع بين الرجلين.
وتتمثّل أهم نقطة خلاف بين فرنجية وباسيل بمحاولة كل طرف كسب رضى “حزب الله”، في مشهد يجعل من الزعيم الماروني لاجئاً عند حزب لا يؤمن بالوطن ويقاتل من أجل “مصالح الأمة”.
عندما كان فرنجية يرفع صوته بوجه عون وباسيل كان المعارضون يؤكدون أن هذا الصراخ يبقى مضبوطاً تحت سقف خدمة مصالح “حزب الله”، وعندما ينوي “الحزب” جمعهما سيفعلها بغضّ النظر عن الخلافات الشخصية.
وللمفارقة، ورغم كل المآسي التي تحل بالبلاد نتيجة سياساته، ينسق عون كل الطروحات بما يخدم مصلحة الضاحية الجنوبية، من هنا كان المخرج بالدعوة إلى الحوار بعدما كان مقرراً أن يدير عون مدافعه باتجاه “الحزب”.
وتلبية لرغبات الضاحية الجنوبية، قصد فرنجية بعبدا ناسياً أو متناسياً كل الكلام الكبير الذي ساقه بحق عون وتياره وعهده.
يؤخذ على فرنجية أنه ثابت في خط “حزب الله” والنظام السوري بينما باسيل يحاول أن يتاجر ضمن هذا الخط، وقد قالها فرنجية بالأمس “إننا جاهزون في أي يوم يستدعينا الرئيس عون ولا مشكلة شخصية معه وبالعكس نلتقي معه استراتيجياً” علماً انه لن يشارك في الحوار.
ومن يتابع السياسة اللبنانية بالعمق يعلم جيداً أن المشكلة هي في الإلتقاء الاستراتيجي بين فرنجية وعون، وهذا الأمر يتمثل بدعم الرجلين للسلاح غير الشرعي وتغطيته وضرب أسس الدولة وإلحاق لبنان بالمحور السوري – الإيراني.
لا يستطيع فرنجية الخروج من عباءة “حزب الله” حتى لو كلفه هذا الأمر التنازل والتحالف مع باسيل في دائرة الشمال الثالثة وهو الذي أكد بالأمس أن “حزب الله” لا يعمل إلا للخير بيننا وبين “الوطني الحرّ” و”بدكن تشوفوا إذا باسيل بيقبل بالتحالف مع الفاسدين” لأنه يعتبرنا كذلك.
رمى فرنجية كرة التحالف الإنتخابي في مرمى باسيل تحت شعار حماية مصالح المحور، وهو الذي قال منذ فترة إنه لا يفكر أحد أن خلافي مع باسيل سيوصل رئيس جمهورية من غير محورنا، وبالتالي فان فرنجية يعمل بايديولوجيا سياسية واضحة لا لبس فيها. ويحاول فرنجية أن يؤكد للحزب أنه حاضر دائماً لتلبية مطالبه سياسياً وحتى انتخابياً، وشعار لبيك “حزب الله” حاضر دائماً عند بيك بنشعي، فكل الهم منصبّ على انتصار المحور حتى لو اختفى لبنان عن خريطة الوجود ودفع ثمن سياسات هذا المحور من تعطيل وإنهيارات متتالية أوصلت الشعب إلى خط الفقر والعوز.