Site icon IMLebanon

لماذا بقي فرنجية صامتًا؟

 

 

نأى رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية بنفسه عن «معركة الساعة» ولاذ بصمتٍ تام، فتح الباب على اجتهادات متباينة في تفسير دلالاته.

 

البعض وضع سكوت الرجل في إطار مسايرة الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ضمناً، والبعض الآخر رجح انّه كان محرجاً، فلا هو يستطيع تجاهل المزاج المسيحي العام ولا هو في وارد مواجهة حليفيه المسلمَين. ولكن ما هي الحقيقة؟ ووفق أي توقيت سياسي ضبط فرنجية ساعته؟

 

بادئ ذي بدء، يبدو واضحاً لمؤيّدي وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية أنّه يقيس تصرفاته ويحدّد خطواته في هذا الظرف، انطلاقاً من كونه مرشحاً جدّياً، وُضع تحت المجهر وتُحسب عليه كل كلمة، وبالتالي فقد ارتأى، في رأيهم، أن لا ينزلق إلى مستنقع السجالات الطائفية حول إشكاليات ذات بعد سطحي، خصوصاً انّه يحرص على أن يقدّم نفسه كصاحب طرح وطني عابر للاصطفافات.

 

ويلفت العارفون بطباع فرنجية، إلى أنّه لا يميل في سلوكه اساساً نحو الاستعراض والتجمهر الطائفي، “وعندما تسود الانفعالات والشعبوية يتفادى الانجرار اليها حتى لو كانت مربحة له تكتيكياً على مستوى البيئة المسيحية”.

 

ولكن الأهم من كل ذلك، انّ فرنجية يقرأ جيداً اليوم ما يجري في الإقليم من تقارب سعودي – ايراني ستكون له مفاعيل إيجابية على المنطقة، ومن ضمنها لبنان، في حال عرف كيف يتكيّف مع الواقع المستجد ويجاريه.

 

واستناداً إلى القراءة الاستراتيجية للتحوّل العميق في مسار العلاقة بين الرياض وطهران، يعتبر المتحمسون لفرنجية أنّ “الرؤوس الحامية في البلد تحتاج إلى تبريد حتى تستطيع مواكبة التسوية، وانّ المعركة التي خيضت خلال الأيام الأخيرة بلبوس طائفي لا محلّ لها في الإعراب، وأتت في التوقيت السياسي الخاطئ”.

بناءً عليه، يفترض مؤيّدو فرنجية انّ على المسيحيين ملاقاة الدينامية الجديدة قي المنطقة والتفاعل معها، “بدل ان يكونوا على هامشها او ان يدفعوا ثمنها إذا لم يعرفوا التقاط اللحظة”.

 

بهذا المعنى، يلفت هؤلاء إلى أنّ مقاربة فرنجية ترتكز على وجوب ان يعيد المسيحيون صوغ تموضعهم وعلاقاتهم استعداداً ليكونوا جزءاً من التسوية الكبرى لا ضحاياها، “ولذلك فإنّ اشتباكهم مع السنّة والشيعة في لحظة اتفاق هذين المكونين على مستوى المنطقة هو عبثي ولا طائل منه”.

 

وينبّه أصحاب هذا الرأي إلى انّ القوى المسيحية، وما لم تعدل مقاربتها، ستصبح مهدّدة بـ”البطالة”، متسائلين: “عندما تكتمل فصول الاتفاق السعودي – الايراني، أي جدوى تظلّ لمعركة سمير جعجع ضدّ “حزب الله”، ولمواجهة جبران باسيل مع المرجعيات السنّية؟”.

 

وربطاً بالمتغيرات، يعتبر المتحمسون لفرنجية، انّه “مطابق لمواصفات المرحلة المقبلة التي تتطلب وجود شخصية في رئاسة الجمهورية تستطيع مواكبة الاستقرار الاقليمي وترجمته لبنانياً”، مشيرين إلى انّ طريقة تعاطيه مع الخطاب الطائفي وقبلها اختبارات أخرى، “تثبت انّه الأكثر ملاءمة لمقتضيات التوازنات المحلية والاقليمية”.

ويستغرب هؤلاء “تصنيف فرنجية في خانة مرشح “حزب الله” او الثنائي الشيعي، في حين انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من أشدّ الداعمين لوصوله، وواشنطن لا تمانع في انتخابه، ونصف النواب السنّة تقريباً يؤيّدونه، الاّ اذا انضمّ الفرنسيون والاميركيون والنواب السنّة الى سرايا المقاومة سراً”.