IMLebanon

“عدّة” تسويق فرنجية تفضح “الممانعة”: الأسد يمنع عودة النازحين!

 

 

يركّز مؤيدو انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، لا سيما منهم «الثنائي الشيعي»، ضمن الحملة التسويقية لمرشح فريق «الممانعة»، على ملفين أساسيّين: الاستراتيجية الدفاعية وعودة النازحين السوريين إلى بلادهم. فيحاول مريدو فرنجية «دغدغة» مشاعر اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين بـ»وعودٍ افتراضية» لجهة أنّ فرنجية يُمكنه استثمار علاقاته بمحور الممانعة لتحقيق خرق في هذين الملفين.

 

«عدة» التسويق هذه باتت «عنوان» حملة فرنجية. لكن لماذا سيحقّق فرنجية ما لم يتمكّن الرئيس ميشال عون من تحقيقه؟ وكيف ستتمّ إعادة النازحين عبر علاقة فرنجية بالرئيس السوري بشار الأسد في وقتٍ يواظب محور «الممانعة» على تأكيد أنّ المجتمع الدولي هو من يمنع هذه العودة؟ وإذا باتت الظروف الإقليمية والدولية في المرحلة المقبلة تتيح تحقيق هذه العودة، فعندها يُمكن أن يشهد عهد أي رئيس غير فرنجية عودة النازحين إلى سوريا. وإذا كان التواصل بين الدولتين اللبنانية والسورية هو المطلوب لمعالجة هذا الملف، فسبق أن حصل هذا التواصل وزار وزراء لبنانيون دمشق لهذه الغاية، ولم يشهد الملف أي خرق إيجابي.

 

مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي» تعتبر أنّه «عندما يحصل تنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية على صعيد حكومي ورئاسي وليس فقط وزاري، يُمكن فرض قرار عودة النازحين على المجتمع الدولي، والعمل على تنظيم العودة إلى سوريا حتى لو مانع المجتمع الدولي». في المقابل، ترى جهات معارضة، أنّ «محور الممانعة» فضح نفسه عبر الترويج بأنّ علاقة فرنجية والأسد ستلعب إيجاباً في ملف النازحين، إذ كأنّه يعترف بأنّ الأسد يمنع عودة النازحين. كذلك تؤكد هذه المعادلة أنّ النظام السوري يريد من لبنان الرسمي وعلى أعلى المستويات التواصل معه بغية حلحلة هذا الملف. وبالتالي يستخدم «محور الممانعة» هذا الملف الإنساني سياسياً ضمن أجندة تخدم مصالحه.

 

أمّا في حال تبوّأ فرنجية سدة الرئاسة الأولى ومدّه الأسد بجرعة دعم لعهده، عبر ملف النازحين، فهذا يعني أنّ حجة «الممانعة الدولية» سقطت وأنّ لبنان يتحمّل هذا العبء بسبب هذا المحور. أمّا إذا واجه لبنان رفضاً دولياً لهذه العودة لعدم توافر ظروف آمنة، فهل يُمكن للبلد تحمُّل هذه الخطوة؟ وهل يتمكّن فرنجية من الإقدام عليها في حين أنّ عون لم يفعل؟ وكيف سيتمكّن عهد فرنجية من فرض العودة على النازحين إذا لم يضمنها المجتمع الدولي؟ هل سيعود النازحون إذا لم تنقل الأمم المتحدة المساعدات التي تمنحهم إياها من دول النزوح الى سوريا؟ وهل سيعودون إذا لم تتحقّق إعادة الإعمار؟ وهل سيعودون إذا لم تشجّعهم المنظمات الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واستمرّت في اعتبار أنّ المناطق التي باتت تحت سيطرة النظام السوري ليست آمنة؟

 

وما هي التسهيلات التي سيقدّمها النظام السوري للنازحين لتشجيعهم على العودة غير التسهيلات التي سبق ووعد بتقديمها ونقلها عنه وزراء ومسؤولون في «حزب الله»؟ ولماذا سيتمكّن فرنجية من تحقيق ما لم تتمكّن حتى روسيا من تحقيقه على مستوى عودة النازحين، بسبب غياب الدعم المالي العربي والغربي لمبادرتها بعد قمة هلسنكي عام 2018 بين بوتين والرئيس الأميركي؟ حتى خطوات أخرى في هذا الإطار، لم تؤتِ ثماراً، ومنها مؤتمر في دمشق عام 2020، خصّص لعودة النازحين برعاية روسيا، وشارك فيه لبنان الرسمي ممثلاً بوزيري الشؤون الاجتماعية والخارجية والمغتربين.

 

وقبل أن تلوح المبادرة الروسية في الأفق، شهد عام 2018 تنظيم العودة الطوعية للنازحين، تولّتها المديرية العامة للأمن العام، ودخل على خطّها عدد من الأحزاب، أبرزها «التيار الوطني الحر» و»حزب الله». إلّا أنّ هذه العودة الطوعية لم تكن حرّة، بل مرتبطة بموافقة النظام السوري، الذي تُرسل إليه الأسماء ويوافق على مَن يريد منها، ويرفض مَن يريد.

 

وفي عام 2019 تخلّى رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري عن حقيبة وزارة الدولة لشؤون النازحين بعد سنوات من اتهامه بأنّه وفريقه يعرقلان عودة النازحين. وارتضى تسليمها إلى وزير الحزب «الديموقراطي اللبناني» حليف سوريا، على رغم معارضة تيار «المستقبل» أي «تطبيع مع نظام الأسد». ورفض حينها الوزير معين المرعبي إجراء مراسم التسليم والتسلُّم في الوزارة مع خلفه الوزير صالح الغريب. وبعد إعلان التشكيلة الوزارية وقبل نيل حكومة «الى العمل» الثقة، زار الغريب دمشق بعد دعوة رسمية للبحث في ملف النازحين وسبل تأمين عودة آمنة لهم. وبعدها أعدّ خطة لإعادة النازحين، أقرّتها لاحقاً حكومة الرئيس حسان دياب. وكما سلفه تواصل وزير الدولة لشؤون النازحين رمزي المشرفية مع سوريا، كذلك فعل وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين. وكان كلّ من هؤلاء الوزراء يأتي بتطمينات وتسهيلات سورية، لكن لا الزيارات لدمشق ولا التسهيلات حقّقت أي خرق في ملف النزوح.

 

إستناداً إلى التجربة سقطت معادلة «ضرورة التنسيق مع سوريا لإعادة النازحين»، بحسب مصادر معارضة، إذ لطالما كان هدف «الممانعة» منها ولا يزال، «التطبيع» مع نظام الأسد عبر بوابة النازحين، فيما لو كان الأسد يريد فعلاً عودة النازحين فهو لا ينتظر أحداً كي «يدعس على رجله»، إلّا أنّه لا يريد تحقيق هذه العودة لأسبابٍ ديموغرافية إضافةً الى ترك هذا الملف ورقةً في يده متى حان وقت الحلّ السياسي، فالنظام السوري لن يخسر هذه الورقة من دون أي ثمن عربي أو غربي. لذلك تعتبر المصادر نفسها أنّ فريق الممانعة «يضحك» على الناس عبر إيهامهم بأن فرنجية سيأتي بالحلّ لملفين ساخنين، فيما حلّ أي منهما لا يتعلّق لا بهوية رئيس الجمهورية ولا بارتباطه بمحور الممانعة.