IMLebanon

سليمان فرنجية: أنا لبناني وعربي ووطني وأمدّ يدي الى الجميع

 

 

خطاب الوزير فرنجية في ذكرى «مجزرة إهدن» محطة من أهم المحطات في تاريخ لبنان.

 

فبدءاً بحميد فرنجية الذي كان مرشحاً مهماً لرئاسة الجمهورية، الى الرئيس سليمان فرنجية الذي جاء الى الحكم لأوّل مرة بدون تدخل خارجي وبصوت واحد… مسيرة محطات تاريخية واضحة.

 

الرئيس فرنجية رحمه الله كان رجلاً وطنيّاً بكل ما في الكلمة من معنى، يتمسّك بعروبة لبنان، لكن ظروف المؤامرة وللأسف بدأت في عهده.

 

فللذين لا يعرفون التاريخ، لا بد أن نذكّر كيف رفض الرئيس فرنجية عرض وزير خارجية أميركا هنري كيسنجر، الذي قال له سوف نرسل لكم البواخر لتنقلكم الى كندا وأميركا، وطبعاً كان جواب الرئيس فرنجية هو إنهاء المقابلة، وقال له: «نحن لبنانيون وعرب وكل ما تقومون به مؤامرة على المسيحيين لمصلحة إسرائيل».

 

التاريخ لا يرحم، خصوصاً ان الرئيس فرنجية رفض بقوة تقسيم لبنان، كما رفض ذهاب «الكتائب» الى إسرائيل، ورفض كل المشاريع التي تؤدي الى حلف بين المسيحيين وإسرائيل ضد العرب.

 

صحيح انه كان أهم صديق للرئيس حافظ الأسد، وصحيح أيضاً انه حليف صادق وهذا يعني أنه صاحب مواقف ثابتة.

 

وما دمنا نتحدث عن التاريخ، فلا بد من أن أذكر قصة حصلت معي يوم كنت هارباً مع عائلتي الى سوريا، وتحديداً الى بلودان، وقتذاك جاءني في إحدى الليالي المرحوم الوزير طوني فرنجية، وطلب أن أدلّه على منزل شقيق الرئيس الأسد رفعت الأسد. ذهبنا الى منزل شقيق الرئيس الأسد ومن هناك ذهبنا الى دمشق، وبعد اجتماع مع الرئيس حافظ الأسد ورفعت الأسد والمرحوم طوني، أخبر الأخير ان اليهود يريدون الاجتماع به فرفض، هنا قال له الرئيس الأسد: «إنّ حياتك أصبحت في خطر، وإني خائف عليك، وأطلب منك أن تقلّل نسبة تنقلاتك حرصاً على حياتك».. كان ذلك في صيف عام 1976.

 

بعد دخول قوات الردع العربية للفصل بين القوى المتقاتلة، كان القسم الأكبر منها من سوريا، حصل حادث في الفياضية، إذ أُطلقت النار على سيارة نقل عسكرية فكان رد قوات الردع عنيفاً، حيث هدّد الرئيس الياس سركيس بالاستقالة إذا لم تتوقف القوات السورية عن قصف ثكنة الفياضية.

 

في ذلك الوقت، قيل للرئيس الياس سركيس إنه يستطيع أن يستقيل متى يشاء… هنا ازداد الخطر على حياة طوني فرنجية…

 

طبعاً البقيّة معروفة، ولا أريد فتح الجروح، وهنا لا بد من العودة الى المصالحة التي تمت بين الوزير سليمان فرنجية وبين قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وهذه المصالحة كانت نقطة مضيئة في تاريخ المصالحات، وهي إن دلّت على شيء فإنما تدل على عظمة شخصية الوزير سليمان فرنجية… لمصافحته قاتل والده ووالدته وشقيقته… هذه المصالحة لا يقوم بها إلاّ الرجل الرجل..

 

وبالرغم من المصالحة هذه لا يزال د. جعجع يقف موقفاً عدائياً من فرنجية، بينما فرنجية مدّ يده الى الذي نكث جميع الاتفاقات التي تمّت بينه وبين الجنرال من حرب التحرير الى حرب الإلغاء الى «اتفاق معراب».

 

والكارثة ان «اتفاق معراب» كان ينص على 3 بنود:

 

أولاً: تأييد جعجع لانتخاب ميشال عون رئيساً.

 

ثانياً: تقاسم النواب من الطائفة المسيحية بالتساوي.

 

ثالثاً: تقاسم الوزراء من المسيحيين بالتساوي أيضاً.

 

الجنرال أخذ البند الأول وتناسى الباقي.

 

بالعودة الى خطاب الوزير سليمان فرنجية، يكفي انه يمد يده الى الجميع، وأنه لا «يستحي» بعلاقاته… يكفي ان يصل الوزير فرنجية لانه صادق…

 

وهنا مع محبتي لعائلة فرنجية أريد أن أقول: إنّ الوزير فرنجية أخطأ خطأً كبيراً عندما عرضت عليه الرئاسة قبل انتخاب ميشال عون، حيث تنازل لعون على أساس ان «عون» كبيراً في السن، وأن أمامه وقت طويل.

 

هنا أقول للوزير فرنجية: إنّ الفرص في الحياة لا تأتي كل يوم، وأنه اليوم يدفع ثمن خطأ كبير في حياته ألا وهو انه أعطى الرئاسة الى الذي خرّب ودمّر لبنان الرئيس السابق ميشال عون.

 

وإنّ صهر عون، كما نعلم، كان أكثر الرجال نكراناً للجميل، وهو متخصّص بالحقد والأنانية والفساد، والتاريخ لن يرحمه.