لا مؤشرات بعد عن تقدم رئاسي او استعداد لقبول “الخيار الثالث”، فالمعارضة لم توافق على الحوار الذي طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري، و”الثنائي الشيعي” على موقفه الرئاسي المبدئي، لم يقدم تراجعات رئاسية كبيرة، وما حكي عن عرض قطري تم رفضه ولم يكتب له النجاح أيضا.
فالواضح ان المعارضة على موقفها الأساسي الرافض لحوار لا تسبقه إنتخابات رئاسية، ويطرح فريق أساسي من داخل المعارضة فكرة حوار الثنائيات، في حين ان ما صدر من “الثنائي الشيعي” يؤكد انفتاحه على حوار لا يستثني مرشحه سليمان فرنجية، من ضمن مجموعة المرشحين المطروحين على طاولة التفاوض، وعليه فان الخطوات التي صدرت اخيرا عن حزب الله لناحية تجاوبه مع الحوار من دون شروط مسبقة او الاندفاعة تجاه قائد الجيش، التي وضعت في خانة الإشارة الرئاسية من حارة حريك بإمكانية القبول بغير المرشح سليمان فرنجية، كل هذه المعطيات لم تكتب لها الفرصة الرئاسية.
فكل الاجتهادات سقطت، ولم يثبت ما تردد عن سير حزب الله بخيار قائد الجيش، ومحاولته استقطاب النائب جبران باسيل والوقوف على مطالب وشروط سليمان فرنجية للسير بقائد الجيش ، فالافتراضات في السياسة شيىء والواقع القابل للتطبيق شيىء آخر، فالواضح والمؤكد ان حزب الله لا يمكن ان يقرر خيارا رئاسيا لم يوافق عليه ثلاثة أطراف هم بالتراتبية: سليمان فرنجية أولا و نبيه بري ثانيا وجبران باسيل ثالثا.
وإذا كان بري دعا الى طاولة حوار وجلسات نيابية لانتخاب رئيس، لكنه لم يصدر أي موقف يؤكد تخليه عن دعم فرنجية، فيما حوار حزب الله و”التيار الوطني الحر” يضع في أولوياته ترشيح فرنجية، ويحاول الحزب تقديم “إغراءت” لباسيل لانتزاع موافقته لمعركة فرنجية. فحزب الله ينظر الى رئيس “تيار المردة” بوصفه الحليف الإستراتيجي والمطابق لمواصفات رئيس لا يطعن المقاومة، فعلاقة حزب الله – فرنجية “سوبر” إستراتيجية ولم تتأثر بأي حدث سياسي، وبنظر “الثنائي الشيعي” يمتلك رئيس “المردة” الحيثية الوطنية والمسيحية التي تخوله الوصول الى بعبدا.
من هنا تسقط المقاربة التي تحدثت عن موافقة ضمنية لحزب الله على قائد الجيش، وما قيل عن عملية تفاوض قام بها الحزب وجوجلة الآراء حول هذا الترشيح هو من محض الخيال، خصوصا بعد لقاء رعد – عون الذي أطلق العنان لقراءات كثيرة ومتناقضة، منها حصول تحوّل من جهة حزب الله يصب في خانة دعم العماد جوزف عون.
أمران ثابتان لا يمكن ان يتغيرا راهنا لدى حزب الله:
اولا: لن يسير بمرشح يستفز حليفه “التيار الوطني الحر”، وصار واضحا ان ترشيح قائد الجيش يواجه العقبة الأبرز المتمثلة بالنائب جبران باسيل، وتأتي مواقف باسيل الأخيرة ضد الجيش لتؤكد المسار الهجومي ضد اليرزة.
– ثانيا: ان حزب الله ليس في وارد التراجع عن دعم فرنجية، وليس مخفيا ان الجزء الأساسي من مفاوضات حزب الله والتيار مخصصة لاستمالة باسيل الى هذا الخيار، فحزب الله باق على موقفه الأولي من ترشيح رئيس “المردة”، وباعتقاد كثيرين ان الخطوات التي قام بها رسائل سياسية لإحراج الجميع، فكلما تعقدت ظروف إنتخاب فرنجية خارجيا وداخليا، اقتنع الحزب بصوابية خياره لرئيس لا يغدر المقاومة، حيث أخذ الحزب عبرة من حادثة الكحالة للالتفاف عليه، إلا ان الحزب يعتمد ستاتيكو المراوحة، وانتظار التبدلات في المشهد الإقليمي نظرا للتحولات الكبيرة على صعيد المنطقة.
في هذا السياق أيضا، تأتي عدم موافقة سليمان فرنجية على الانسحاب من السباق الرئاسي، على الرغم من اغراءات العرض القطري بالتنسيق مع حلفائه، وإجماع الاثنان على ان العرض مرفوض وخارج إطار التفاوض.