لا بد من العودة الى كلمة رئيس الجمهورية على الباخرة التي بدأت في الحفر لاستخراج النفط، وهنا لا بد أن نتوقف عند بضع ملاحظات:
أولاً: صحيح أنّ وضعنا الاقتصادي سيىّء، وصحيح أنّ هناك هدراً في الإدارة كبيراً جداً، وهذا الهدر هو المشكلة الكبرى، إذ في دراسة لصندوق النقد الدولي أنّ هناك 64 ألف موظف يتقاضون رواتب من دون أن يفعلوا شيئًا، وجرى توظيفهم تحت نظرية الطائفة أي ان الطوائف هي معيار التوظيف وليس الكفاءة… وآخرهم 5000 وظفوا قبل الانتخابات النيابية الاخيرة.
ثانياً: يقول الرئيس إنّه يريد أن يكون الاقتصاد إنتاجياً وليس ريعياً، ونحن هنا نصفق له على هذه الفكرة العظيمة، ولكن كيف يمكن تحقيقها؟ بكل صراحة نريد أن نقول للرئيس إنّ قطاع الزراعة وقطاع الصناعة يعانيان لأسباب عدة أهمها كلفة الكهرباء وكلفة اليد العاملة وكلفة الأراضي، وهناك استحالة أن نحقق أرباحاً في الزراعة عدا أنّ الدول المجاورة ودول الإقليم مثل سوريا والأردن وتركيا ومصر وقبرص أسعارها أقل بكثير ولا يمكن منافستها.
على صعيد الصناعة، قد يكون الوضع أفضل، ولكن عندنا أيضاً صعوبات كبيرة منها اليد العاملة أيضاً وأسعار الأراضي ثانياً والكهرباء وأسعارها وكلفتها المرتفعة ثالثاً وليس هناك تسهيلات من الدولة لتساعد هذا القطاع.
يبقى عندنا قطاع مهم جداً ألا وهو قطاع السياحة، فلنأخذ مثلاً فرنسا التي تحقق دخلاً من السياحة يوازي 80 مليار يورو بفضل 80 مليون سائح سنوياً، وإسبانيا 90 مليار دولار مقابل 90 مليون سائح، المغرب 18 مليار دولار مقابل 18 مليون سائح سنوياً…
وبالنسبة للسياحة كيف تكون لدينا سياحة وكل أسبوع يتحفنا السيد نصرالله بخطاب يتهجم فيه على المملكة العربية السعودية ويقول: الموت لآل سعود… يأتي السائح السعودي وعندما ينزل من الطائرة يقابله آية الله الخميني مرحباً به.
فلو عدنا الى كلمة الرئيس فإننا نريد أن نتوقف عند وضع المسؤولية على الحكومات السابقة ليس دفاعاً عنها بل لنأخذ مثلاً السنوات الثلاث التي مرت من حكم الرئيس ميشال عون ونحن في العام الرابع، فماذا حقق هذا العهد؟ للأسف لا شيء، على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: لم تستطع الحكومة أن تعيّـن مجلس إدارة الكهرباء ولا الهيئة الناظمة للكهرباء، وهذا المطلب الأساسي لمؤتمر «سيدر» الذي يريد أن يسلفنا 12 مليار دولار.
ثانياً: سلسلة الرتب والرواتب بدأت بـ800 مليون دولار ووصلت عند التنفيذ الى 2.800 مليار؟ كيف يمكن لبلد مفلس أن يعطي زيادة للموظفين؟
ثالثاً: التوظيف الانتخابي وكأنه لا يكفي الفائض الكبير الذي يقدّر بـ64 ألف موظف فزادوا عليه 5000 إكراماً للانتخابات.
لذلك، بدل أن نضع الملامة ساعة على الحكومات وساعة ثانية على الاقتصاد الريعي ونطالب بالاقتصاد البديل المنتج، وبدل لوم المصارف لأنها اشترت (والحقيقة انها أجبرت) على شراء سندات الخزينة، فلنعترف بأنّ الدولة كان متعذراً عليها ان تدفع رواتب الموظفين وقوى الأمن ورجال الجيش.
أخيراً، كنت أتمنى أن تكون معالجة الأمور المالية كما حدث عند الرئيس نبيه بري بين وزير المالية غازي وزني ورئيس لجنة المال النيابية الاستاذ إبراهيم كنعان الذي أجاب الصحافيين عندما سألوه عن موضوع اليورو وإذا كانت الدولة ستدفع أو لا، فقال: هذا الموضوع يقرر في اللحظة الأخيرة، وكل كلام آخر ليس حقيقياً وليس مهماً فلا تصدقوه.
أرجو أن نتعامل مع القضايا والمسائل المالية بهدوء لأنّ الموضوع حسّاس جداً ولا يتحمّل مزايدات خصوصاً بالنسبة للمصارف وأموال الناس… هذا الموضوع يعالج بالهدوء وبالعلم.