IMLebanon

كرة الثلج

تحت عنوان «عينكم على الشارع» كتبنا في هذه الزاوية نحذّر الحكومة تحديداً والمسؤولين عموماً من أن أسلوب التعاطي مع أزمة النفايات من شأنه أن يولّد إنتفاضة «إنفجارية» في الشارع. وتساءلنا (ومن أسف أننا لا نزال نتساءل) عن «الأسباب الموجبة» التي أملت على الحكومة ان تتريّث في مواجهة هذه الأزمة «المتفجرة» والمرشحة الى مزيد من التفجير كما قلنا حرفياً، وأضفنا: خصوصاً وان أزمة النفايات «لم تكن داهمة على الإطلاق، ذلك أنها معروفة ومتوقعة منذ أشهر». وممّا قلناه: «نود أن نحذّر من أن الشارع بات مهيأ للإشتعال» (…) وشدّدنا على دور «المجتمع المدني». وحذرنا »يجب عدم الإستهانة بالشارع»… والناس إذا كان فيهم المسيّس فهناك «القرفان» وهناك من «يعاني أزمات إقتصادية حادة» (…) وتلك كلها عوامل تؤدي الى ضخ «شحنات اعتراضية بارزة» في الشارع.

وإذا كنّا (وبتواضع) توقعنا ما حصل ونتوقع ما سيحصل لاحقاً (وهذا تحذير جديد) ولسنا نملك أجهزة أمن ولا أجهزة مخابرات ولا… ولا… فكيف فات السلطة معرفة هذا الذي حصل أمس وهي التي لديها جهاز الأمن العام، وجهاز أمن الدولة، ومخابرات الجيش وشعبة المعلومات وآلاف المخبرين المدسوسين في كل مكان؟!

في تقديرنا أن تلك الأجهزة كانت تعرف، وقد حذّرت… لسنا نملك معلومات أكيدة هنا، فقط نرجّح ذلك. ولكن المشكلة أن المسؤولين لا يريدون أن يسمعوا… أنهم يديرون الأذن الطرشاء الى الناس ويفتحونها الى المصالح وتقاسم «المكاسب» في وضع أناني فاجر وغير معهود أو معروف حتى في أكثر بلدان العالم فساداً، ولدى أكثر المسؤولين الفاسدين في العالم وقاحة وتجاهلاً لمصلحة الناس.

فأي مسؤولين في العالم يقبلون بأن يغرق وطنهم وشعبهم في تلال النفايات، ناهيك بما يترتب على هذا المشهد الفظيع من أضرار صحية وبيئية حالية ومستقبلية من إساءة وتشويه وضرب ما تبقى من ثروة مائية.

إنه فعلاً لأمر فظيع… والأفظع منه أننا حتى اليوم لم نتوصل الى حل يمكن أن يكون معقولاً في المستقبل المنظور. فلو توصل الجماعة اليوم بالذات، الى «إتفاق» (ونصرّ على «إتفاق» ولا نقول «قرار» لأن «الإتفاق» يجب أن يسبق «القرار» لديهم) نقول حتى لو توصلوا اليوم الى إتفاق، فإنّ معضلة النفايات لن تنتهي قبل نحو ستة أشهر أو حتى سنة.

وأما الهجمة القمعية العرمرمية على المتظاهرين في وسط المدينة (في ساحتي رياض الصلح والشهداء) فذكرتنا بوعيد أحدهم للمتظاهرين بأنه سيلاحقهم «من زنقة الى زنقة» (…)

وإذ نوجه تحية محبة وتضامن الى هيئات المجتمع المدني وندعم حراكها السلمي الديموقراطي الراقي الرائع، فإننا نهيب بأبنائنا وبناتنا المعتصمين والمعتصمات في وسط المدينة ألاّ يسمحوا لأي طرف أن يستغلهم.

ولهذه السلطة التعسة نقول: حذار كرة الثلج!