اليوم، أكثر من اي يوم مضى نقول: يجب وضع حد لهذه الأزمة التي نعترف بأن « الفيديو» الذي جرى تداوله عن كلام الوزير جبران باسيل بحق الرئيس نبيه بري، قد صبّ الزيت على نار الأزمة في وقت تبدو المشاعر والأحاسيس في ذروة الإستنفار.
إنّ كرة ثلج التطورات تتعاظم بسرعة ويجب إيجاد حلّ معقول للأزمة. كيف؟ لا ندري، ولا نملك المعطيات، ولسنا في موقع النصح ولا حتى الإقتراح. ولكننا نعوّل كثيراً على المبادرة التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري وهو الذي وعد بها أمس إثر لقائه الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا.
والمشهد الذي عايناه، أمس، في بيروت ليس ما يحتاجه لبنان واللبنانيون في اللحظة الإقليمية والدولية الحاسمة. فالإضطرابات والحروب ونيرانها تحاصر لبنان من جوانبه كافة. والوطن الصغير ليس في حاجة الى المزيد، فيكفيه ما فيه من أزمات وترد في الوضع الإقتصادي، وخلافات سياسية حادة، وأي إضافة مؤذية الى ذلك كلّه من شأنها أن تشعل حريقاً قد لا تكون له نهاية منظورة، وقد يعيدنا الى مراحل كان في التقدير أننا تجاوزناها الى لا رجعة.
ونحن على ثقة أكثر من مطلقة بأنّ الرئيسين ميشال عون ونبيه بري قادران على التجاوب مع الرئيس سعد الحريري في مبادرته التي نعترف بأننا لسنا مطلعين على تفاصيلها، وقد تواترت معلومات متضاربة، أمس، عن مضمونها أو أقله عن مسارها.
وفي الوقت ذاته نرى أن حزب اللّه قادر على قيادة دور فعّال في هذه المعمعة، ومن موقعه المتضامن مع الرئيس نبيه بري، وهو تضامن لاشك في صلابته. وهذا ما يعطي الحزب قدرة على الحراك بين الجهتين المتصادمتين وإن بات ثابتاً أن التحالف بين حزب اللّه والتيار الوطني الحر بدأ يهتز، وهذا لن يكون في مصلحة أي منهما، والبعض يقول إنه ليس في مصلحة أحد.
في المنطلق يجب الإعتراف بأن الأزمة كبيرة وماضية الى أن تضخم أكثر فأكثر كما أسلفنا في مطلع هذا الكلام… ولكن لا يجوز، في أي حال من الأحوال، أن يُغلق الباب أمام مساعي التسوية التي يجب أن يكون بندها الأول حفظ الكرامات. كما أنّه لا يجوز أن تبلغ التطورات والتداعيات مرحلة تنذر بالأسوأ وبالأخطر، لدرجة أنّ البعض كان يتحدث، عن أن الرئيس نبيه بري لن يقبل بأن تصل الأمور الى هذا الحدّ، وكذلك الرئيس ميشال عون.
والكلام الذي نُقل، أمس، عن رئيس مجلس النواب تضمن الكثير من المسؤولية الوطنية التي لا يمكن إلاّ تثمينها وبالذات في الظرف الموضوعي الذي قيلت فيه، وهو الظرف الأكثر دقة. والرئيس بري عوّد اللبنانيين على المواقف الوقائية الإنقاذية عندما تشتد الأزمات.
وسنظل نراهن على عقلانية ووطنية رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة الذي ندعوه لأن يحث الخطى في مساعيه الحميدة.