IMLebanon

كي لا ينقسم الجيش

أطلقت إحدى شركات المشروبات الغازية منذ فترة حلة جديدة لمنتجاتها بكتابة مواصفات وأسماء على زجاجة المشروب. كل زجاجة تحمل اسماً مختلفاً وكل مستهلك ينتظر أن يرى اسمه ذات مرة، فيدخل المطعم أو المتجر ويحاول أن يجد اسمه أو اسم أحد أقربائه أو أصدقائه. إنها فكرة مبتكرة تعطي المشروب رونقاً جديداً.

كنت أتحدث الى أحد العاملين في شركة لترويج المنتجات، واقترحت عليه هذه الفكرة، وسألته: لمَ لا تطبّقها شركات في لبنان؟ فأجابني: “ربما لأن الأسماء مختلفة في لبنان”. قلت له ان الفكرة جيدة لمنتج لبناني او يوزع في لبنان، فأجابني ضاحكاً: “بغضّ النظر عن السوق المحدودة في لبنان، هل تتخيّلين أن يكتب اسم علي أو عمر أو مارون أو متري على الزجاجة؟ كيف سيتم التوزيع في المناطق اللبنانية؟ فكل منطقة لها أسماؤها!” هنا أجبته: أين المشكلة في ان توزع الأسماء على كل المناطق؟ قال: “أتظنين أنّ مستهلِكاً متعصّباً يقبل ان يشرب من زجاجة تحمل اسماً يمثّل طائفة أخرى؟” فتساءلت في قرارة نفسي: ما هذه السخرية؟ ألهذه الدرجة أصبحنا متخلّفين؟ كنا ننادي بالوحدة بين المسلمين والمسيحيين فأصبحنا بحاجة الى توحيد بين المسلمين أنفسهم، والمسيحيين في ما بينهم. ألا يظهر كل هذا تخلّفاً؟ لقد قسّمنا الاسماء والالوان والمناطق والارقام، قسمنا كل شيء، حتى الاعلام والشعب، والأدهى… الشهداء. نعم، قسّمنا كل شيء. حتى الجيش، ثمة مَن يسأل كيف يمكنه أن يواجه هذه المرحلة من دون أن يقسَّم؟ وخصوصاً أن الصراع السني – الشيعي في المنطقة يزداد حدة، ولا سيما بوجود “داعش” الذي يغذي التعصّب من أجل مشروع معين. إن مشهد جندي ينشقّ لا يمكن إلا أن يُشعرنا بالهلع، خاصة بعد فرار الجندي الخامس من الجيش. فهذه الظاهرة يجب ان تعالَج، ويجب ان يُحارَب مَن يحاول تدمير المؤسسة العسكرية بانزال أشد العقوبات بمَن يمسّ فيها وبمحاولة السيطرة على عاملي المال والتطرف الديني اللذين يستعملهما التطرف الداعشيّ. ولا يمكننا إلا أن نطرح بعض التساؤلات، مثل: ما مصير الجيش؟ والجواب يجب ألا يكون سوى: ممنوع حتى طرح هذا السؤال لأنّ الفرضية تعني حرباً أهلية جديدة وانهياراً كاملاً للدولة. والمطلوب دعم الجيش بكل الطرق، وخصوصاً سياسيّاً، لأنّه عالق في زواريب السياسة ولا يمكنه أن يضرب بيد من حديد. وجيش تكون حساباته طائفية لا يمكنه ان يحسم. وجيش لا يمكنه ان يحسم، سيخسر الكثير ويجعل البلاد والشرعية تخسر معه… وهذه المرة سيخسر الجميع. المطلوب الغطاء والدعم لهذه المؤسسة لأنّها ربما تمر في أصعب المحن، هي ونحن والبلاد.