Site icon IMLebanon

كي لا تطلع ريحة الجميع !

لم يكن مفاجئاً ان تنقضّ جهات حزبية وسياسية على حركة “طلعت ريحتكم” التي تداعى اليها المجتمع المدني، وان تحاول إجهاضها بافتعال صدام بين المعتصمين أمام السرايا وقوى الأمن.

منذ يوم السبت بدأ الحديث عن المندسّين الذين، على رغم انسحاب الناس الى ساحة الشهداء مساء الأحد، أصروا على الإشتباك مع رجال الأمن لأنهم في الواقع ينفذون أوامر ويطبقون خطة واضحة هي بالنسبة الى مرجعياتهم رابحة في الحالين:

فإذا تطور الأمر وتحول فوضى أمنية شاملة سيندفع لبنان خطوة إضافية على طريق إسقاط النظام الذي ارتفع صراخ البعض داعياً الى إسقاطه، واذا لم يحصل هذا نتيجة الوعي عند قادة حركة “طلعت ريحتكم” [ من هم ؟] والدراية عند بعض المسؤولين، سيبدو على الأقل ان السلطة قمعت المتظاهرين بعنف مجنون وهو ما يسجّل سلباً على النظام والحكومة التي يعطلونها ويطالبونها بالعمل!

لهذا كتبت سلفاً في مقال السبت إنه على افتراض ان جماعة “طلعت ريحتكم” تمكنت من اقتحام السرايا، فهل كانت لترفع حبة البندورة مهترئة من الشارع، قطعاً لا لأن الدولة اللبنانية هي حبة الندورة المهترئة منذ زمن نتيجة النفايات السياسية التي تمسك بخناقها، وهو ما قاله صراحة تمّام سلام “فما حصل هو تراكم وان القضية ليست قضية نفايات فقط بل قضية نفايات سياسية”.

مرة جديدة كان واضحاً يوم الأحد ان لبنان بلد لا يمكن ان تقوم فيه ثورة لأن فيه شعوباً وقبائل متناحرة، والدليل ان الطابور السياسي قرر مجدداً إجهاض حركة مطلبية مباركة تهم كل لبناني بغض النظر عن طائفته المصادرة أو مذهبه المُحتَكر، وقد ينجح الطابور في هذا ويجرّ البلد الى ما هو أخطر.

والمقصود الى الإنهيار الكامل والفوضى الكاملة، ولهذا لم يبالغ الدكتور سمير جعجع عندما حذّر من أن استقالة الحكومة ستوقع لبنان في الفراغ الكامل الذي سيؤدي الى انهيار الانتظام العام بما يجعل لبنان غابة لقطّاع الطرق، كل هذا قبل الحديث عن تغيير النظام عبر مؤتمر تأسيسي أو غيره!

يجب ان يكون واضحاً للجميع ان غضب الشعوب وثورات المجتمعات يمكن ان تقود الى الفوضى القاتلة إن لم تكن هناك قيادة واضحة معروفة وذات صدقية، وان تكون لديها خطة تحرّك مقنعة ومعلنة وروزنامة تنفيذية للمطالب وتصوّر دقيق للبدائل المطلوبة من الوضع المهترئ.

بصراحة ومع التقدير أقول: إن حركة “طلعت ريحتكم” في حاجة الى قيادة وبرنامج لئلا تقود الناس الأوادم الى الفوضى أو الى ما يخدم أغراض الذين يريدون توظيف الغضب الشعبي في حساباتهم السياسية.

ثم اننا شاهدنا الكثير من التمثيل السخيف والأكاذيب الوقحة تحاول استغلال المتظاهرين!