ما نتمناه هو أن لا ينتهي الأمر بالجمهورية الإسلامية في إيران إلى أنها نسخة مقتبَسة عن كوريا الشمالية.. إنما بهوية وأيديولوجية وخصوصية مختلفة.
وعندما نقول ذلك فلأن النظام الثوري الإيراني بات يرى أن التحدي هو عنصر البقاء وموضع الإهتمام. أما افرازات هذا التحدي بالنسبة إلى الشعب فليس مهماً. والتحدي الذي نشير إليه والمقتبَس أو المستنسَخ عن الحالة القائمة في كوريا الشمالية يتمثل في هذا التركيز على إمتلاك السلاح النووي والإنفاق على تطوير الصناعة الحربية وإنتاج الصواريخ الباليستية. وفي سبيل ذلك لا يعود الإهتمام بالتنمية وبالتطوير الذي يبعث بالطمأنينة في نفوس الناس من الأولويات.
لقد امتلكت كوريا الشمالية السلاح النووي وها هي بين الحين والآخر تطلق الصواريخ الباليستية وتنشر الصور التي تعكس إبتهاج زعيم كوريا الشمالية وجنرالاته بهذا الإنجاز. ومع إطلاق الصواريخ هنالك إطلاق للتهديدات والتحذيرات. وهنالك ما هو الأهم بكثير وهو أن كوريا الشمالية معزولة عن العالم وشعبها مستغرق في أضغاث أحلام مفروضة عليه. لا سمعة لها على صعيد الصناعة. ولا سمعة لها على صعيد الثقافة والفن. ولا هي مقصد للسياحة والزيارة. كما من النادر أن يغادر بنوها وبناتها بلادهم ليروا ما في العالم الخارجي من أحوال مُبهَجة.
في المقابل هنالك الشطر الجنوبي الذي يسير بخطى حثيثة لتأخذ صناعته التقنية مكانها في قائمة الدول التي يُحسب لها حساب عند إستعراض الجديد في الصناعة ومنها صناعة السيارات والكهربائيات وأجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة. وأما عند المقارنة بين أحوال الشعب في الشطريْن فإن الجنوبيين يعيشون في أجواء من الطمأنينة والبهجة الحياتية ومنفتحين على دول العالم التي تبادلهم المشاعر الودية والإعجاب، فيما إخوانهم في الشطر الشمالي يعيشون في ظل نظام يَعتبر من خلال التحدي النووي والباليستي أن ذلك هو المهم وعلى الشعب إرتضاء ذلك.
منذ نهاية الحرب الصدَّامية- الخمينية يسير النظام الثوري الإيراني وفق التوجه نفسه وإلى درجة أنه في ما يفعل يتصرف كمقتبِس معجَب بالصيغة الكورية الشمالية التي سبق أن إقتبسها، إنما بتصرف النظام السوري في زمن الرئيس (الراحل) حافظ الأسد وأورثها كممارسات إلى الإبن الدكتور بشَّار الذي كان سيبدو حصيفًاً لو أنه أدخل على الإرث تعديلات جذرية، وبذلك كان سيتقي ويلات نشأت عن انتفاضة مشروعة.
مناسبة هذا الكلام أن النظام الإيراني يواصل إبتهاجه بإطلاق الصواريخ التي ساهم النظام البوتيني في تطويرها. كما أنه ماضٍ في خطوات الإنجاز النووي وهو من أجل ذلك يرفع ميزانية الدفاع سنة بعد أُخرى حتى أن المعلومات تشير إلى أن نسبة رفْعها خلال أربع سنوات مضت بلغت 86 في المئة.
مستقبلاً سيتعامل المجتمع الدولي مع إيران على نحو تَعامُله مع كوريا الشمالية. دولة مسكونة بالتحدي وبإمتلاك الصواريخ على أنواعها ودائمة التحرش أو التهديد لمَن حولها وأيضاً لمَن لا يضعها ضمن الدول ذات الأهمية الإستثنائية. وفي ظل هذه الأجواء يشعر المواطن الإيراني أنه معزول عن محيطه وأنه ليس ذلك الطرف الذي يطمئن المرء إلى صداقته. كما هنالك حذْر منه عند تأدية فريضة الحج.
من هنا التمني بأن يعيد أهل النظام الإيراني النظر في أفعالهم ونواياهم وبذلك تطمئن نفوس إخوانهم العرب والمسلمين، ومعهم شعوب كثيرة في دول العالم، إلى أن دور إيران الثورة بات التطوير والتطمين وإدخال البهجة إلى النفوس في المجتمع الإيراني الذي يأخذ يوماً بعد يوم ملامح أنه مثل الكوري الشمالي الذي يمتلك نظامه السلاح النووي لكنه، النظام، كمَن هو سجَّان للشعب.
هل يا تُرى سنصحو ذات يوم ومعنا إخواننا الشعب الإيراني على مفاجأة إعادة النظر المأمولة؟ عسى ولعل ونحن على موعد مع عهد رئاسي قريب في إيران أن يبدد النظام الثوري الإيراني المسكون بالنووي والباليستي الإنطباع بأنه توأم النظام الكوري الشمالي. والمثل الشعبي الفارسي يقول «الشجاعة بلا حذَر حصان أعمى». والله الهادي إلى صواب التفكير من أجل حُسْن التدبير.