بري: معارضو النسبية يخافون على ممالكهم
هكذا تروي عين التينة قصة «أمن الدولة»
برغم الأهمية التي تكتسبها جلسة هيئة الحوار الوطني اليوم في عين التينة لناحية تحديد وجهة سير قانون الانتخابات المتوقف أمام «الاشارة الحمراء»، عند تقاطع الطوائف والاحزاب، منذ زمن طويل.. غير ان الاطراف الداخلية المتخصصة في «هدر دم» الحلول والأحلام، لن تلتقط على الأرجح الفرصة الأخيرة ـ التي تترنح على حافة الوقت ـ لإنتاج قانون انتخاب عصري، يحقق صحة التمثيل وعدالته، ما لم تحصل مفاجأة إيجابية من خارج السياق المتوقع.
ويعتبر الرئيس نبيه بري أن جلسة الحوار اليوم، ستكون محكاً لحقيقة نيات القوى السياسية حيال قانون الانتخاب، معتبرا أن الكرة أصبحت في ملعب طاولة الحوار بعدما سُدت السبل أمام اللجان النيابية المشتركة.
ويشدد بري على أن قانون الانتخاب لا يمكن أن يكون إلا توافقيا، وكل النظريات الاخرى غير قابلة للتطبيق، مشيرا الى أن كثيرين تقدموا قبل التمديد لمجلس النواب بترشيحاتهم، والبعض من مرشحي «أمل» فاز بالتزكية، ومع ذلك عدت وأيدت تأجيل الانتخابات لأن الرئيس سعد الحريري، بما يمثله، كانت لديه اعتراضات عليها، بمعزل عن الموقف منها.
ولئن كان بري يكرر أن الانتخابات حاصلة حتما هذه المرة، إلا أنه يلفت الانتباه الى ان الوقت لم يعد يسعفنا، فإما أن تملك الأطراف السياسية جرأة الخوض فورا في قانون جديد وعصري، وإما يبقى القديم على قدمه ويصبح «الستين» شرا لا بد منه، مع ما يعنيه ذلك من استفزاز للناس، سيتحمل مسؤوليته كل من يدفع في اتجاه إعادة إنتاج الواقع المشكو منه.
ويشدد بري على أهمية اعتماد خيار النسبية، أقله بالنسبة الى نصف المقاعد، وفق ما ورد في اقتراحه المختلط الذي «عرضته من باب التسوية والحل الوسط، علما أن قناعتي كانت ولا تزال بوجوب إجراء الانتخابات النيابية وفق النسبية الشاملة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، وأنا ألتقي في هذا الطرح مع العماد ميشال عون..».
ويضيف بري: «معارضو النسبية يعرفون ضمنا أنها الحل الوحيد والخيار الأنسب للتعامل مع خصوصية التركيبة اللبنانية المتنوعة، ولتحقيق أوسع مشاركة في السلطة التشريعية، لكنهم لا يجرؤون على البوح بهذه الحقيقة والعمل بمقتضاها، لأنهم يخشون من ان يخسروا بعضا من مساحة ممالكهم الطائفية والسياسية، متجاهلين أن ما سيخسرونه سيربحه لبنان، علما اننا في حركة أمل وحزب الله قد نفقد ايضا بعض المقاعد ولا يضيرنا ذلك ما دام المردود الوطني العام هو الاهم».
ويشير بري الى انه لا يجوز الانطلاق من الحسابات الشخصية في التعاطي مع الاستحقاقات الديموقراطية والدستورية، لافتا الانتباه الى «أنني كنت أعلم ان الانتخابات البلدية على سبيل المثال ستجلب لي بعض المتاعب، وان هناك بلدات هي بالكامل معنا، سيصبح نصفها ضدنا بفعل حدة التنافس العائلي، لكن برغم ذلك بقيت مصمماً على إجراء الاستحقاق البلدي، بمعزل عن الأضرار الجانبية التي يمكن أن تترتب عليه، وهذه المعادلة يجب أن تسري على الاستحقاق النيابي، فلا نفرط بالنسبية فقط لان البعض يجد ان هذه القماشة ليست مفصلة على قياسه».
ملف خلافي آخر، هو المتصل بجهاز «أمن الدولة»، يقاربه بري، على طريقته، انطلاقا من المعطيات المتوافرة بحوزته، نافيا أن يكون قد وضع شروطا أدت الى تعثر التفاهم حول هذا الملف، حتى الآن.
ويشير بري الى أنه عرض اقتراحات عدة في السابق لمعالجة هذه الأزمة، من بينها تغيير رئيس الجهاز اللواء جوج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي، «كما حاولت مرارا التوفيق بين الاثنين سواء عبر تدخلي الشخصي المباشر أو من خلال الجهد الذي بذله أحمد البعلبكي، لكن كلما كنا نتوصل الى مشروع تفاهم كان يجري نسفه في اليوم التالي وتعود الازمة الى المربع الاول».
ويعرب بري عن اعتقاده ان هناك من كان يتدخل لدى قرعة لتحريضه ودفعه في اتجاه نسف أي اتفاق محتمل لتنظيم التعايش بينه وبين الطفيلي، مشددا على انه لا مشكلة صلاحيات في «أمن الدولة»، والقانون واضح في هذا المجال، وإلا فكيف يمكن تفسير ان الأزمة لم تظهر سوى الآن، برغم ان مسؤولين عديدين تعاقبوا على موقعي رئيس الجهاز ونائبه من دون ان يسجل أي إشكال.
ويعتبر بري في معرض شرح الصلاحيات ان هناك أمورا هي من اختصاص مدير الجهاز حصرا وأخرى تحتاج الى توقيع مشترك منه ومن نائبه، على ان تصبح الإمرة للمدير بعد ذلك على مستوى تنفيذ ما اتفق عليه، مؤكدا انه من غير المقبول أي عبث بهذ المعادلة.
ويضيف بري: «لقد سبق لي أن أبلغت الرئيس تمام سلام أنني وحزب الله لا نشترط تعيين اسم محدد مكان نائب مدير الجهاز العميد الطفيلي، عندما يحال الى التقاعد، بل أكدت له أن لديه الحرية لاختيار أي ضابط شيعي، يعتقد انه مناسب لتولي هذه المهمة».