Site icon IMLebanon

لكي يكون بلدُنا  دولة لا زاروباً

هناك خياران لا ثالث لهما بالنسبة إلى السياسيين اللبنانيين المسؤولين:

الخيار الأول النظر إلى الخارطة اللبنانية باعتبارها جزءاً من الخارطة الدولية، والخيار الثاني النظر إليها باعتبارنا نعيش في زاروب وليس في بلد. ولكل خيار كلفته، ولكن اعتقاد أننا نعيش في زاروب سيكون مكلفاً جداً لأن المسؤولين لا يقيمون وزناً لِما يجري حولنا وفي العالم – ولأنهم يعتقدون بأنها أحداث عَرَضية علماً أنها خطيرة جداً ومؤثرة جداً على واقعنا.

في أقل من عشرين يوماً، إهتزت الكرة الأرضية من جراء أحداث سيكون لها تأثير على استراتيجيات العالم على كل المستويات الأمنية والمالية:

بريطانيا خرجت من الإتحاد الأوروبي، وهناك دولٌ أخرى في أوروبا على خطاها، ولم تُحصَر حتى الآن كل المضاعفات السلبية والإيجابية من هذه الخطوة التاريخية.

فرنسا تلقت ضربة موجعة في جنوبها السياحي، والخطر في ما حصل أن الإرهاب انتقل إلى أساليب يكاد من الصعب جداً ضبطها مسبقاً.

تركيا في خضم تحولات هائلة بعد الإنقلاب الذي ما زالت ارتداداته تتوالى.

***

إذا كنا زاروباً ولسنا بلداً فإن الذي يجري من حولنا، بعيداً وقريباً، لا يعنينا، لكن إذا كنا بلداً فإن ما يحدث سيؤثر سلباً وإيجاباً علينا.

لكن ماذا نحن فاعلون من أجل مراكمة التأثيرات الإيجابية وخفض التأثيرات السلبية؟

عملياً، الحكومة لا تقوم بشيء:

فكل الملفات إما معلَّقة وإما أنّها تتخبّط، وفي المحصِّلة كيف يبدو التخبُّط؟

العنوان الأساسي للتخبُّط هو الصيف والشتاء في الملف الواحد، فحيناً يسير التفاؤل بأقصى سرعة، ثم يتقدَّم عليه التشاؤم بسرعة أكبر:

مثالٌ على ذلك ما شاب ملف النفط منذ إعادة تحريكه وحتى اليوم:

حين اجتمع الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، قيل إنَّ الإتفاق تمّ، وقد بارك الإتفاق اللقاء بين الرئيس بري والعماد ميشال عون في أيام عيد الفطر المبارك، وقيل أيضاً إن الرئيس تمام سلام يبارك الإتفاق.

أمس، ومن دون سابق إنذار، يبدو أن هذا الملف عاد إلى النقطة الصفر، من خلال المعطيات التالية:

الرئيس سلام يُعلن أنه لن يدعو اللجنة الوزارية المعنية بملف النفط قبل إنضاج الملف ومقاربته بشكل واضح وشفاف واستكمال كل مستلزماته. هذا التطور نزل نزول الصاعقة في عين التينة وفي وزارة الطاقة في آن واحد، فالرئيس بري ممتعض من تعثر الملف، لكنه لا يتهم الرئيس سلام بأنه يقف وراء تعثر الملف، ويدافع عن نفسه بأنه يريد توافق الجميع، وقد حاز على موافقات الجميع فماذا عدا مما بدا ليتراجع كثيرون عن التزاماتهم؟

***

أما وزير الطاقة الذي يبدو أنه بعيدٌ عن الأجواء، فيكتفي بالقول لمَن يراجعه بأنه قام بواجبه وجال على المعنيين وأطلعهم على التطورات المتعلقة بتثبيت الإكتشافات النفطية في البلوكات الجنوبية الحدودية. أما بشأن سبب عدم الدعوة إلى اجتماع حكومي، فيقول إنّ لا معلومات لديه بشأن أسباب التأخير، هذه واحدة من فضائح وزير الطاقة الذي يتخلى طوعاً عن مهمته لمصلحة وزراء سابقين ولاحقين.

***

بعد هذا العرض، هل نحن بلدٌ أم زاروب؟