لم يفاجأ غالبية اللبنانيين بما آلت اليه التطورات بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، العماد ميشال عون ونبيه بري على خلفية «مرسوم دورة 1994»… وان كانوا يفضلون ان تمضي فترة الاعياد المجيدة من دون هذه «الهمروجة»؟!
بصرف النظر عن أحقية قضية الضباط التي أثارها الرئيس عون وبصرف النظر عن الرد العنيف للرئيس بري فإن التوقيت في اثارة هذه الاشكالية لم يكن مناسبا، ولا الطريقة التي ادليت بها المواقف الاخيرة لكلا الرئيسين، وهي الطريقة التي اعادت الى التداول ان «المسألة ليست رمانة بل قلوب ملآنة» على ما يقول المثل العامي…
من أسف، ان الرئيسين عون وبري يدركان خطورة اي خلل في العلاقة بينهما كما يدركان اهمية وايجابية وحاجة لبنان واللبنانيين لترتيب هذه العلاقة تحت سقف التفاهم والتفهم والتفاعل، وضرورة المضي بها، من دون ان يعني ذلك ان يستنسخ الواحد منهما الاخر … فالاختلاف في الرأي امر مشروع ومفهوم، اما ان يتحول هذا الاختلاف الى خلاف وتنازع فمسألة اخرى.
مسألة مرسوم «دورة 1994» ليست جديدة … وكان بإمكان الرئيسين ان يجلسا مع بعضهما البعض للتداول بالمخارج، او يودعان ذلك مجلس الوزراء ليقر لاحقا في مجلس النواب… لكن وعلى ما يبدو فإن المسألة ابعد من ذلك… الرئيس عون يدعو من يعترض على المرسوم للاحتكام الى القضاء… فيخرج الرئيس بري عن صمته، ويشهر كل اسلحته مؤكدا في رده على رئيس الجمهورية ان «الضعيف يذهب الى القضاء».
لا احد يشكك في قوة الرئيس بري، في موقعه كرئيس لمجلس النواب، وكرئيس لحركة «امل» وكقيادي سياسي عاصر جميع الازمات والنكبات التي حلت بالبلد، شأنه في ذلك شأن الرئيس عون، لكنه ذهب بعيدا في توجيه اصابع الاتهام لمؤسسات الدولة، عندما قال: «اذهب الى القضاء عندما تصبح وزارة العدلية غير منتمية»… من دون ان يوضح معنى ان تكون الوزارة غير منتمية، الى فريق سياسي، الى حزب طائفي، الى طائفة او مذهب معين، او الى اي شيء اخر؟! الامر الذي يثير الشبهات ويؤسس لحملات قد تطاول سائر الوزراء ومنها وزارة المالية المحسوبة برأي البعض على الرئيس بري، «ومنتمية» اليه؟!
«الناس اين وبعض المسؤولين اين»؟! سؤال مطروح في الاوساط الشعبية وهي تراقب ما جرى وما يمكن ان يجري، والبلد في حالة غير صحية وغير معافى اقتصاديا واجتماعيا وانمائيا وماليا ودائة الفقر تتسع يوما بعد يوم بين اللبنانيين والاف الشباب اللبنانيين من خريجي الجامعات والمعاهد لا يجدون فرصة عمل واحدة فيتجهون الى الغربة… وسط بيئة اقليمية مشتعلة ومفتوحة على كل الاحتمالات من اخطرها ما تتعرض له القضية الفلسطينية في ضوء قرار الرئيس الاميركي اعلان القدس عاصمة لــ «اسرائيل» وتنامي الخروقات الاسرائيلية يوما بعد يوم، جوا وبرا وبحرا، ولبنان غير قادر على احتواء المزيد من الازمات وهو على ابواب الانتخابات النيابية في ايار المقبل… فهل هكذا تضاء شموع الاعياد المجيدة؟!