IMLebanon

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

 

الرئيس فلاديمير بوتين يواصل ما سمّاه الناطق باسم الكرملين ماراتون المشاورات لحل الأزمة في سوريا. وهو يحرّك في وقت واحد آلة الحرب وآلة الديبلوماسية والدعاية بكل ما لدى روسيا من براعة. الأولى يقودها وزير الدفاع الجنرال سيرغي شويغو حيث اعطاء الأولوية للقضاء على جبهة النصرة بعدما اكتمل تقريبا دحر داعش. والثانية يقودها وزير الخارجية سيرغي لافروف، حيث السعي لضمان النجاح سلفا لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، بصرف النظر عن رفض ٤٤ فصيلا معارضا له، كما عن نوع النجاح المطلوب. فلا أحد يجهل ان حلّ الأزمة يحتاج الى أمرين أساسيين: انهاء الحرب، وترتيب مشروع تسوية يعالج جذور الأزمة. ولا شيء يوحي ان الأوضاع في سوريا والألعاب الاقليمية والدولية فيها وصلت الى هذه المرحلة.

ذلك ان محادثات سوتشي هي اختراع روسي كامل، وان أعطت موسكو دورا لكل من تركيا وايران. ومحادثات جنيف اختراع للكبار في مجلس الأمن بعد ولادة بيان جنيف عام ٢٠١٢ على يد القابلة القانونية الدولية يومها الموفد كوفي أنان. وما حدث على مدى سنوات، قبل الدخول العسكري الروسي في حرب سوريا وبعده، هو الفشل المدوي لمحادثات جنيف بالاشراف الدولي والرعاية الأميركية – الروسية. وما يحدث الآن هو الحرص على التفلت من المرجعية الدولية للحلّ.

 

وليس خارج المألوف في الألعاب الديبلوماسية ان يتهم لافروف أميركا بالعمل لعرقلة التسوية. فمن قواعد اللعبة أن تسعى واشنطن لعرقلة تسوية تنفرد بها عمليا موسكو وتريد تحقيقها بشروط المصالح الروسية. ولم يكن من المفاجآت ان تتهم أميركا روسيا بشكل أساسي وكحليفة لدمشق وطهران بالعمل على تفشيل محادثات جنيف.

ومن الصعب الأخذ بمنطق لافروف القائل ان سوتشي دعم لجنيف. فالطريق الى التسوية في جنيف هي عكس الطريق اليها في سوتشي. الأولى قوامها الاتفاق بالرضى المتبادل على اقامة هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة واعداد اعلان دستوري موقت يمهّد لانتخاب جمعية تأسيسية تتولى صوغ دستور يتم عرضه على الاستفتاء ثم اجراء انتخابات رئاسية ونيابية. والثانية قوامها حشد ١٥٠٠ مدعو في سوتشي للموافقة على مسودة دستور والبحث في الانتخابات.

ومن هنا فشل جنيف والرهان على نجاح سوتشي. لكن نجاح سوتشي هو الوجه الآخر للفشل في حلّ الأزمة. فليس في تجارب ما بعد الأزمات دساتير لها قيمة إلاّ من صنع جمعية تأسيسية.

ولا الدستور الحالي هو الذي قاد الى الأزمة والحرب. ولا بوتين كتم ما يفكّر فيه وهو اعتبار ان جنيف غطاء رسمي للتسوية.