الناشطون الاجتماعيون والجمعيات الخيرية صلة وصل بين الميسور والمحتاج
تستفحل ظاهرة طلب المساعدة الاغاثية والصحية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأشكاله المتنوعة، لم تعد غريبة في المناطق اللبنانية كافة، تتحوّل طبيعية في ظل استفحال الازمات مع طول أمدها، حيث تعجز العائلات المتعففة والفقيرة عن تأمين أبسط مستلزمات عيشها الكريم، بدءاً من دفع ايجار البيوت، مروراً بكلفة العمليات الجراحية او ثمن الادوية او قوارير الغاز، وصولاً الى المونة الغذائية.. حتى ربطة الخبز والبطاطا.
هذه الظاهرة تنتشر بوضوح عبر “الفيسبوك” الى “الواتساب”، ولا يمرّ يوم الا وترى فيه أو تسمع نداء لطلب مساعدة انسانية او صحية، وصيدا التي تشتهر بالتكافل الاجتماعي تشكل المبادرات الفردية والجماعية فيها جسوراً للتواصل بين ابنائها الميسورين والمحتاجين وتؤدّي الجمعيات الاهلية والخيرية الى جانب ناشطين اجتماعيين دوراً فيها. تؤكد الناشطة الاجتماعية لينا مياسي لـ”نداء الوطن” ان الظاهرة طبيعية في ظل الازمة المعيشية وارتفاع الدولار والغلاء، وبخلاف كل التوقعات فان التفاعل مع النداءات يكون ايجابياً وعدد العائلات المحتاجة في ارتفاع مستمر، ونجحنا في تأمين الادوية وكلفة عمليات جراحية او صور شعاعية وحتى ايجار منازل”.
وتضيف:”العامل الاساس لنجاح هذا العمل الخيري هو الثقة ويُترجم ذلك بعدم قبض الاموال النقدية مباشرة من المتبرعين الا ممن اعرفهم جيداً، نحن جسر تواصل بين الميسورين والمحتاجين، فيتم دفع المساعدة له شخصياً، او في المستشفى او الصيدلية، والفكرة انطلقت حين استقليت سيارة اجرة من عين الحلوة الى صيدا وتحدث السائق عن معاناة ابنه الصحية طالباً المساعدة، فتأثرت كثيراً وقررت مساعدته عبر نشر ندائه على صفحتي الخاصة على الفيسبوك وهكذا بدأت الرحلة بعدما وجدت تجاوباً كبيراً خاصة واننا نحافظ على كرامة المحتاج بعدم نشر اسمه والهدف ابتغاء الاجر من الله حيث نقدم جهداً كبيراً ووقتاً ونتعرّض للضغط النفسي”.
ولا يخفي الناشط في “الهيئة الاسلامية” للرعاية سامر عدلوني “ان عمل الجمعيات في هذه الظاهرة اكثر تعقيداً من سواها، لان كثيرين يدقون ابوابها ويجولون من جمعية الى أخرى طلباً للمساعدة باشكالها المختلفة، وعلينا ان نتأكد من هو المحتاج الحقيقي ومن المتسول، وهكذا تبدأ اولى خطوات المساعدة كي تصل الى مستحقيها”. ويقول لـ”نداء الوطن”: “عندما نبدأ اي مشروع نعلن عنه على صفحة الرعاية وندعو الناس الى تقديم المستندات المطلوبة للمساعدة مثل التقارير او الوصفات الطبية او سواها، والازمة برهنت ان طينة الشعب الصيداوي طيبة، ويلتف حول بعضه البعض لتمرير الصعاب، ولكن حاجة الناس كبيرة جداً في ظل الازمات الخانقة وهناك اقبال لافت على طلب المساعدات، فيما امكانيات الجمعيات تبقى محدودة، لكننا لن نعدم وسيلة في تقديم المساعدة وبلسمة جراح الناس لوجه الله تعالى”.
وتؤكد الحاجة “أم محمد” ان الجمعية والناشطين الاجتماعيين “باتوا ملاذنا الاخير، في ظل غياب مؤسسات الدولة الكلي والغلاء وارتفاع الاسعار، لقد فرغ لبنان من دوره”، علماً ان المبادرات لم تتوقف ابداً منذ بدء الازمة وتناولت الوجبات الساخنة، المونة والمناقيش المجانية وتأمين قوارير الغاز وتسكير دفتر – الديون في الدكاكين وسواها.