مسار العقوبات منفصل عن بقية المسارات وواشنطن مصرة على استكماله
من خلال تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في الخامس عشر من الجاري، يحاول رئيس الجمهورية ميشال عون تحريك الملف الحكومي وإحداث ثغرة في الجدار المسدود، في ظل استمرار الجمود قائماً بعد إفشال المبادرة الفرنسية وما تبعها من تداعيات تمثلت بإعلان وزير الخارجية الفرنسية تأخير موعد مؤتمر مساعدة لبنان إلى تشرين الثاني المقبل. ورغم أن لا معطيات توحي بإمكانية تشكيل حكومة ولو تم التكليف، فإن مصادر سياسية تعتبر لـ«اللواء»، أن «خطوة الرئيس عون تأتي في إطارها الدستوري ويجب التمسك بها والحفاظ عليها، في لحظة يحاول البعض إسقاط الدولة ودفعها نحو المجهول، بفعل إصراره على الممارسة عينها التي يتمسك بها وما سببته من كوارث على البلد»، مشددة على أن «المطلوب تشكيل حكومة، وإن كان الخلاف حول هذا الموضوع ما زال مستمراً بين وجهة نظر تريد تأليف حكومة على غرار سابقاتها من أجل أن يحافظ البعض بموطئ قدم ونفوذ على حساب مصلحة لبنان، في حين أن هناك وجهة نظر أخرى تقول بأنه لا يمكن الخروج من هذه الأزمة العاصفة، إلا من خلال تشكيل حكومة مختلفة، لأنه لا يمكن للفريق الذي أوصل لبنان إلى ما وصل إليه، أن ينقذ لبنان من الكارثة. وبالتالي فإنه في ظل وجهتي النظر، فإنه من الصعوبة بمكان الوصول إلى أي حكومة، سيما وأن اللحظة الخارجية المتداخلة مع اللحظة الداخلية، يبدو أنها تحول دون ولادة الحكومة».
وتشير، إلى أن «المبادرة الفرنسية تبدو في مرحلة إعادة تقييم، ولم يتم اتخاذ القرار للدخول في الفصل الثاني منها على المستوى الحكومي»، مشددة على أنه «ليس هناك لغاية هذه اللحظة مرشح ستتم تسميته في الاستشارات»، لكنها لفتت إلى أن «مجرد تحديد موعد للاستشارات، يلزم القوى السياسية من أجل التشاور في ما بينها، بهدف الوصول إلى تسمية محددة، تفادياً لاستمرار الفراغ، الأمر الذي يفرض على الكتل النيابية من أجل الاتفاق على شخصية محددة». وتؤكد أن «المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان تفترض حكومة من المستقلين تماماً، أي أن لا تكون سياسية ولا تكنوسياسية، كما يريد البعض. باعتبار أن مجرد عودة القوى السياسية إلى الحكومة، فهذا يعني استحالة إجراء الإصلاحات التي تنقذ لبنان من الانهيار. فالمطلوب عملية إنقاذ مالي واقتصادي قبل سقوط البلد في الهاوية. وهذا يؤكد أن الأولوية هي لتشكيل حكومة تتمكن من انتشال لبنان من هذا الواقع، وبعدها تعود الممارسة إلى ما كانت عليه وفق الأساليب المعتمدة منذ الـ2005».
ومع اقتراب موعد انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، ترى الأوساط «ضرورة أن تكون هناك حكومة قائمة تواكب هذه العملية»، لكنها لا تعتقد أن «وجود حكومة تصريف أعمال لا ينتقص من دستورية وشرعية هذه المفاوضات، خاصة وأن الفريق المفاوض اللبناني الأساسي سيكون الجيش اللبناني الذي سيكون باستطاعته أن يقوم بالمهمة المطلوبة منه على أكمل وجه، باعتبار أنه المؤسسة الوحيدة الفعالة، والتي تحظى بثقة الجميع. وهذا من شأنه أن يقوي الموقف اللبناني ويزيد من رصيد الثقة الوطنية بالمؤسسة العسكرية التي أثبتت من خلال الممارسة أنها على مسافة واحدة من الجميع».
المرحلة الصعبة في لبنان تفترض تأليف حكومة من المستقلين تماماً
وترسم المصادر السياسية «صورة قاتمة لمستقبل الوضع في لبنان في حال تم رفع الدعم عن السلع الأساسية»، مشيرة إلى أن «البلد سيكون أمام انفجار اجتماعي، باعتبار أن رفع الدعم هو ليس خياراً وإنما أمر لا مفر منه أمام تراجع موجودات مصرف لبنان. لذلك فإن المطلوب تشكيل حكومة ضمن المواصفات الضرورية من أجل القيام بالإصلاحات وتلقي المساعدات اللازمة من الخارج من أجل فرملة هذا الانهيار الذي سيأخذ البلد نحو المجهول، ما يفرض الكف عن الممارسات التي تريد الاحتفاظ بمواقع سلطوية زبائنية على حساب مصلحة الناس والمواطن».
ولا ترى المصادر، أن «هناك أي فائدة من عقد أي لقاءات ذات طابع طائفي، في إشارة إلى ما حكي عن اجتماع مسيحي في بكركي»، مؤكدة أن «اللحظة التي يمر بها البلد لا تتطلب اجتماعات من طبيعة طائفية أو مذهبية، باعتبار أن أزمة البلد المالية والاقتصادية عابرة للطوائف والمناطق، ما يفرض القيام بمبادرة وطنية تدفع باتجاه تشكيل حكومة تمنع لبنان من الذهاب نحو الإفلاس والفوضى، لأن المؤشرات مقلقة للغاية ولا بد من تحرك عاجل يتخذ البلد من الأسوأ الآتي»، لافتة إلى أن «مسار العقوبات الأميركية يختلف عن أي مسار آخر، سيما وأنه مسار مستمر، وإن حاول البعض القول أنه مسار تفاوضي، وهو ما ثبت عكسه، بحيث أن الأميركيين مصرون على العقوبات ولن يتوقفوا عنها».