ينقل عن بعض المراجع السياسية والحزبية، بأن المرحلة الراهنة لن تكون كما قبلها لأشهر خَلت، حيث ثمة أجواء عن اصطفافات وتحالفات وتوافقات حول بعض العناوين السياسية، وإن لم يكن على معظمها لجملة اعتبارات وظروف ووفق وضعية كل منطقة سياسياً وحسب موقعها الجغرافي، ما يستوجب إعادة النظر في ما شهدته الساحة الداخلية في المرحلة الماضية، والتي، وبفعل هذا الصمت والخلافات والتشرذم الذي طغى على معظم الأحزاب والتيارات السياسية، إنما كان مدخلاً رئيسياً لوصول البلد إلى هذا الدَرك.
وتكشف المصادر المتابعة لما يجري، بأن هناك لقاءات جرت في الآونة الأخيرة بين بعض المكوّنات السياسية التي كانت تنضوي في فريق 14 آذار، وصولاً الى اتصالات هاتفية ومشاورات عبر أكثر من موفد لزعامات ومرجعيات حزبية، تم خلالها التداول بأن يصار إلى وضع أسس لمواجهة الأعباء التي تحيط بالبلد، وخصوصاً أن الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والحياتي سيصيب الجميع، وهذا ما أكده أحد الزعماء السياسيين لبعض من التقاهم من زملائه، وحذّرهم بأن الناس «لن ترحمنا وستحرق الأخضر واليابس إذا لم نبادر إلى تشكيل حكومة جديدة، قد تساعد في عودة التواصل مع المجتمع الدولي والصناديق الداعمة، وفي طليعتها صندوق النقد الدولي». ولكن الخوف، كما يقول الزعيم المذكور، أن «ثمة من يدخل على خط التأليف ويعرقل كل الإيجابيات التي ظهرت في الآونة الأخيرة، باعتبار أن هناك من يعمل على الكسب من خلال حقائب وزارية تكون له سنداً في الإنتخابات النيابية القادمة في حال حصولها، دون أن يدركوا أن لبنان قد يتحمّل شهرين من المعاناة، إنما بعد ذلك سيأتي الإنهيار الكبير والمدوّي، ولن يقف إلى جانبنا أحد إذا استمرينا على هذه الحال».
وفي سياق متصل، علم أن لا عودة لاصطفافات 8 أو 14 آذار، فالخلافات تعصف داخل الفريقين، وهاتين الجبهتين أصبحتا من الماضي، ولكن هناك تلاقٍ من بعض المكوّنات السياسية على الموقف الوطني والسيادي والتصدّي لأي حملات تطاول رموزا ومراجع روحية أياً كانت توجّهاتهم وطوائفهم، وبالتالي، ذلك ما ظهر جلياً من خلال الحملات التي استهدفت البطريرك بشارة الراعي.
ويبقى، ووفق المعلومات، أن الجميع يترقّب تأليف الحكومة وشكلها ومضمونها السياسي والإصلاحي ليبني على الشيء مقتضاه في الإستحقاقات الدستورية المقبلة، أو على صعيد ما ستقدم عليه من خطوات، وبالتالي، ردود الفعل الدولية والعربية في حال أبصرت هذه الحكومة النور، باعتبار، ووفق أجواء عليمة، كان من المفترض أن يلتقي الرئيس نجيب ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون، يوم الإثنين على الرغم من عطلة عيد رأس السنة الهجرية، نظراً لمقتضيات المرحلة والإستعجال في التأليف، ولكن هناك من يشير إلى أن البعض دخل على الخط وثمة تعقيدات جديدة حصلت، ولهذه الغاية بات جلياً، كما يردّد العالمون ببواطن الأمور بأن الأسبوع الحالي هو للحسم بين التأليف والإعتذار، ولن يكون هناك فرصة أكثر من هذا التوقيت على الرغم مما يتم تناقله بأن مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل يتواصل مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، والضغوطات مستمرة لدفعهما إلى التوافق، ولكن ليس هناك من أي خرق قد حصل، بل المسألة شبيهة إلى حدٍّ كبير بالوضع الذي كان قائماً بين عون والرئيس سعد الحريري، إذ لم يتبدّل شيء في مشهد التكليف والتأليف حتى الساعة.
لذا، فإن الأمور في غاية الصعوبة ربطاً بالتدهور المريع الذي استجدّ مجدّدا خلال الساعات الماضية على صعيد أزمة المحروقات وعودة طوابير الذلّ من جديد، كذلك الحديث المتنامي حول رفع الدعم في وقت قريب جداً، مما يبقي فتيل الإنفجار وارداً في أي توقيت.