يلاحظ أن تقارباً حصل في الفترة الأخيرة بين الحزب التقدمي الإشتراكي و»التيار الوطني الحر»، إذ تغيب الحملات التي كانت سائدة بين الطرفين، أو الانتقادات وسواهما، لا بل أن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، أبدى في مقابلته الأخيرة انفتاحاً واضحاً على الحزب التقدمي، وهذا انطلق منذ فترة عندما التقى رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط بباسيل في منزل قريب جنبلاط بيار الضاهر، إلى لقاءات أخرى حصلت بين نواب وكوادر بين الطرفين، وعلى هذه الخلفية، يظهر أن المسألة بينهما قد تتّجه إلى خطوات إيجابية أخرى، بعدما تبيّن أن ثمة نقاطا مشتركة بين الطرفين، وتحديداً في الاستحقاق الرئاسي، إذ بدا أن هناك مقاربة بينهما حول دعم الوزير السابق جهاد أزعور، وعدم تبنّي ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فيما كان لرئيس الحزب التقدمي موقف طالب فيه بعدم انتخاب رئيس لا يحظى بدعم «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، كونهما يمثلان الميثاقية المسيحية، وعلم في إطار هذا الانفتاح والتواصل، أن زيارة النائب وائل أبو فاعور لوزير الدفاع موريس سليم، المحسوب على «التيار البرتقالي»، إنما جاءت على خلفية صدور مرسوم ترقيات الضباط، وما يقال عن تعيينات في المجلس العسكري، بعدما سبق للوزير سليم أن رفض التمديد لرئيس الأركان اللواء أمين العرم، الذي أحيل إلى التقاعد، وقد يكون لعدم التمديد وفق المعطيات حينئذ الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش، على اعتبار أنه في حال انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، أو إحالته إلى التقاعد، وقبل تعيين بديل له، فإن رئيس الأركان هو من يتسلّم القيادة، وفق النظام الداخلي للمؤسّسة العسكرية، وذلك ما حصل عندما انتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، فكان أن تسلّم موقع القيادة رئيس الأركان حينذاك اللواء شوقي المصري.
من هذا المنطلق، يظهر جلياً أن تقدماً كبيراً طرأ على علاقة الإشتراكي و»التيار البرتقالي»، وهذا ما انسحب على الجبل هدوءاً واستقراراً في إطار المشاركة في مناسبات جامعة لكلا الطرفين، على غرار ما يحصل مع «القوات اللبنانية»، ولكن السؤال الأبرز يبقى هل ذلك سيؤدي مستقبلاً إلى تحالف إنتخابي بينهما؟ هنا، تقول المصادر المقرّبة من الطرفين، أن كل شيء وارد، ولكن الحديث سابق لأوانه، ومن المبكر الخوض في مثل هذه الأمور، إذ أن الأولوية المشتركة هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، والعنوان الأبرز يبقى قانون الانتخاب، فهل سيبقى على ما هو عليه، أم هناك قانون انتخاب جديد، ولا سيما أن تبايناً وخلافاً بين «القوات» والإشتراكي حصل على هذا القانون على الرغم من تحالفهما، وبالتالي، أن أكثر من جلسة ولقاء عقد بين جنبلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع عبر أصدقاء مشتركين، ولكن دون جدوى، حيث أكد رئيس حزب «القوات» تمسّكه بقانون الانتخاب الحالي.
من هذا المنطلق، يبقى السؤال المطروح، وفي ظل الفتور الذي يعتري العلاقة الجنبلاطية ـ القواتية، وغياب اللقاءات بين الطرفين، هل يحصل تطور كبير على صعيد الإشتراكي و»التيار» ويكون مقدمة لتحالفات سياسية وانتخابية؟ ذلك لن تتظهّر معالمه قبيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة لمعرفة سياسة العهد الجديد وما سيقدم عليه، والأمر عينه للحكومة العتيدة، إن على صعيد قانون الإنتخابات والإصلاحات وسواهما، إنما يتبيّن بالملموس أن الإستقرار والتواصل يسود العلاقة بين «البرتقالي» والإشتراكي، بعد خلافات عميقة جرت بينهما لسنوات طويلة، وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة في ضوء الإصطفافات السياسية التي ستفرزها الإنتخابات الرئاسية.