رغم الصمت الذي يمارسه وليد جنبلاط على صعيد المشاركة في الولادة القيصرية لقانون الانتخاب بعد ان وجهت اليه اصابع الاتهام باحتكار الصوت المسيحي في بداية العروضات والعراضات لقوانين الانتخاب في بداية ولاية الرئيس ميشال عون الرئاسية لم يستطع «زعيم المختارة» كتم اعجابه بما حصل في فرنسا من انقلاب حيث عبر عنه بتغريدة قال فيها «رئيس كبير فرانسوا هولند يسلم الحكم لرئيس واعد ايمانوال ماكرون. متى سنرى هكذا مشهد مهيب في لبنان» .
لعل «البيك الاحمر» الذي يدرك جيداً استحالة خروج الشرق من الطوائفية شاملاً بذلك طائفته قبل اترابه يعيش هاجس ايصال المركب اللبناني الى العلمنة الشاملة ولكن بانتظار العبور المستحيل على القيادات حماية طوائفها بعيداً عن الاستفزاز لان «تحصيل» الحقوق لا يمكن ان يؤخذ بالقوة فمن المستحيل ان تتمثل طائفة بنائب وصل الى المقعد النيابي باصوات لا تمت الى طائفته بصلة ولعل هذا الهدوء الجنبلاطي نابع من ادراك «ابو تيمور» انه صار وحيداً في حلبة الصراعات المحلية والاقليمية بعد ان برزت الى الواجهة قضية جنوب سوريا التي ربما ستأخذ دروز سوريا الى مصير مجهول.
من هنا لا بد من قراءة في نوعية الحضور الذي زار عين التينة اول من امس وغاب عنه الاشتراكي والذي كانت عناوينه الاساسية والفرعية قانون الانتخاب وهذا الامر استدعى توضيحاً من مصدر مقرب من النائب جنبلاط حيث رأى ان الامر طبيعي ولا يعتبر اقصاء لان نائب القوات اللبنانية جورج عدوان يحمل نوعاً من انواع التفويض في متابعة المباحثات مع التيار الوطني الحر والرئيس سعد الحريري ضمن عناوين يقبل بها النائب جنبلاط بهدف تسهيل ولادة قانون الانتخاب.
ويعتبر المصدر ان القانون التأهيلي مع الصوت التفضيلي صعب التطبيق لان الاخير يجعل اعضاء اللائحة الواحدة في حالة تنافس وخصام لافتاُ الى ان «البيك» قدم الكثير من التنازلات لناحية النسبية ودراسة الدوائر الانتخابية رغم عدم قناعته، لذا فهو التزم الصمت كي لا يفتح ابواب مغلقة تأتي برياح خلافية بحيث تدخل المفاوضات في انفاق تشنجية لا يريدها رغم اصابع الاتهام التي وجهت الى النائب جنبلاط باحتكار الصوت المسيحي وهو امر غير صحيح لانه في الاساس تعاطى مع هذا الاتهام بمرونة كبيرة كما انه ومجموعة كبيرة لا يرضون بالغاء انفسهم عن طريق القانون التأهيلي على اساس طائفي ومذهبي لانه يلغي اسس الحزب التقدمي الاشتراكي القائمة على فكرة الغاء الطائفية السياسية وفكرة التعايش الوطني المترسخة في القاعدة والقيادة والكتلة النيابية الذي ينتمي اعضاؤها الى طوائف متعددة فكيف تحجب عن المنتسبين للحزب من طوائف اخرى عملية الاقتراع وبذلك يكون تقويض لمبادىء الحزب وبذلك الغاء للشخص نفسه.
اما بالنسبة لعدم اعتراض وزراء الحزب على ما يجري من تلزيمات ومشاريع ولعل ابرزها صفقة البواخر التي ستزود لبنان بالكهرباء فقد اعتبر المصدر ان «الدنيا قامت ولم تقعد» عندما ادلى النائب جنبلاط ببعض الملاحظات حولها وكاد الجو يتشنج الى حدود بعيدة رغم ان الامر لم يكن سراً وقد عبر عنه الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل وانطلاقاً من اصرار رئيس اللقاء الديموقراطي على تسهيل المفاوضات حول القانون في الربع الساعة الاخير اعلن انه سيمارس صمتاً في المواقف وهو امر ينسحب على المناصرين واعضاء اللقاء ولكن هذا الامر بطبيعة الحال لا يعني ان بعض الاعتراضات التي تأخذ اشكالاً واسعة لم تعد قائمة ولا نرغب بتشنيج الاوضاع في هذه المرحلة الدقيقة لان الاستحقاقات داهمة وعلينا الخروج بنتائج.
ولكن على الجميع ان يعلم وفق المصدر ان لا قطيعة مع الرئيس الحريري كما يشاع ولا مع «التيار الوطني الحر» وان كل ما قيل عن قصة البواخر والصفقات والاتفاقات انتشر بشكل واسع وعلى السنة العديد من السياسيين والخبراء بشكل تجاوز الجزء اليسير الذي تحدث عنه النائب جنبلاط ولكن لا بد من الاشارة الى ان الموقف الايجابي للاخير لا يعني سحب الملاحظات لناحية ملف الكهرباء او غيرها من الملفات لان الحقائق لا يمكن اخفاؤها عن الناس وفي الختام نؤكد ان هناك قرارا جديا بتأجيل كل النقاط الخلافية والتي يمكن ان تعكس توتراً الى ما بعد الاتفاق على قانون الانتخاب.
مصادر حقوقية متابعة لولادة القانون تستبعد امكانية الوصل الى قانون يرضي الجميع ويبدو ان هناك «تخريجة» ما لهذا المأزق حيث سيعود «قانون الدوحة» ليتربع على الساحة لافتة الى ان تجربة النسبية اعتمدت في ايطاليا ووفق دوائر معينة الى ان الامر اوصلهم الى الفشل حيث لم تصمد الحكومات حينها اكثر من 3 او 4 اشهر وعاشت حينها ايطاليا حالة اللااستقرار.
وينهي المصدر الحقوقي الى ان قانون الستين الذي اعتمد في لبنان منذ ال1926 وهو يعطي الاكثرية الحق بالحكم والاقليات بالبقاء في حضن المعارضة وهو يعتبر القانون الاقل نسبة لناحية الثغرات مقارنة مع القوانين التي طرحت هذه السنة.