Site icon IMLebanon

اشتراكيو أوروبا في لبنان: قضية النازحين.. أولاً

تعكس الأحزاب الإشتراكية الأوروبية، والكتلة الإشتراكية في البرلمان الأوروبي، رأياً عاماً أوروبياً فاعلاً في تشكيل سياسات حكومات القارة العجوز. انطلاقا من هنا، يعول لبنان على مؤتمر «العمل معاً في سبيل قضية النازحين: خريطة طريق تقدمية للتعاون الأوروبي المتوسطي»، الذي من المقرر عقده بعد غد السبت في فندق «البريستول».

ينظم المؤتمر «الحزب التقدمي الاشتراكي» بالتعاون مع تجمع الأحزاب الاشتراكية الأوروبية والكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، وقد اختار بيروت منبراً له هذه المرة، نظرا الى الصعوبات التي يواجهها لبنان على صعيد أزمة النازحين، التي يعيها الأوروبيون تماما، علما، ان أوروبا باتت تتوجس من تدفق هؤلاء الى أراضيها، وقد اتخذت دول عديدة إجراءات عملية لمنع، او أقلّه، الحؤول دون تدفق النازحين الى اراضيها.

يهدف المؤتمر الى الإضاءة على كيفية مواجهة مشكلة النازحين، في شكل تشاركي. ويأمل لبنان، الذي يشكل عقد المؤتمر رسالة دعم واضحة له من الأوروبيين، مساعدته على التخلص من أعباء هذه المشكلة التي تعد اكبر من ان يتحمله، على صعيدي اللاجئين الفلسطينيين كما السوريين. وسيكون جدول اعمال البحث عامرا بالافكار التي من الممكن خلالها التخفيف على لبنان على هذا الصعيد، واذا كان الدعم المادي للبنان امر لا مناص منه، فإن ثمة أفكاراً مطروحة على جدول الاعمال، من بينها التخفيف من أعباء النازحين على لبنان، عبر نقل اعداد منهم الى بلدان أوروبية، على سبيل المثال.

يتخلل المؤتمر، الذي لن يكون مقتصراً على بحث حاجة لبنان بمواجهة تحدي اللاجئين وإنما سيبحث حاجات دول الجوار السوري، كتركيا والأردن، كلمة لرئيس الكتلة الإشتراكية في البرلمان الأوروبي جياني بيتيللا. ويختتم بكلمة مركزية يلقيها رئيس الأحزاب الإشتراكية الأوروبية سيرغي ستانيتشيف. ومن المنتظر ان يلقي رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط كلمة في الافتتاح.

ولن يكتفي المشاركون، من بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا وغيرها من الدول الاوروبية، بالبحث بين بعضهم البعض في أروقة المؤتمر في مسألة النازحين، اذ من المنتظر ان يجولوا ميدانيا على بعض مخيمات النازحين السوريين، لتكوين نظرة واقعية لملف اللاجئين، على ان يخرج المؤتمر بمقاربة أوروبية ـ متوسطية في كيفية مساعدة لبنان على هذا الصعيد.

ويأتي الاهتمام الاوروبي الحالي بعد فترة من الصمت والتخبط في مقاربة أزمة تدفق اللاجئين الى الاراضي الاوروبية. اليوم، تلتزم الدول الاوروبية بآلية تهدف، أقله بما هو معلن، الى إعادة توزيع النازحين على الدول الأعضاء، بهدف «تحسين الواقع القائم في الدول الأوروبية وغير الأوروبية التي تأثرت بشكل سلبي كبير جراء الأزمة، وذلك عبر تحديد نقاط التسجيل وإعادة توزيع طالبي اللجوء»، كما هو معلن رسميا.

على ان أهم ما يجب ان يتجنبه المؤتمر، هو الانقسام في مقاربة الملف السوري، انطلاقا من موضوع النازحين، اذ انه، على الصعيد الفلسطيني، يتوحد المؤتمرون حول تحميل الاحتلال الاسرائيلي مسؤولية مأساة اللاجئين الفلسطينيين، والموقف الاشتراكي الاوروبي لا يزال يؤكد على ان الخيار الوحيد هو التوصل الى حل الدولتين وفق حدود العام 1967.

على الصعيد السوري، فإن المطلوب التوحد تحت عنوان النازحين، وعدم الخروج عن سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يدعو الى حل الازمة السورية عبر تحالف دولي يضم الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والاتحاد الأوروبي وإيران وتركيا ودول الخليج، إنطلاقا من أولوية مكافحة الارهاب، والدعوة الى انتقال سياسي في سوريا. يأتي ذلك في ظل موقف اوروبي رسمي، علني، بالدعوة الى عدم منح الرئيس السوري بشار الاسد أي دور في مستقبل سوريا، وهو موقف بات من المعروف انه لا يحصل على دعم موحد من دول الاتحاد كافة.

في خلاصة الامر، يريد الأوروبيون التأكيد على الموقف الداعم للبنان، والتشديد على مساعدة هذا البلد على تأمين الحقوق الاجتماعية والتربوية والصحية للنازحين، انطلاقا من ان الامر لا يقع على عاتق طرف بعينه على صعيد استضافة وإيواء النازحين، كما انه يتعلق بقضية سامية بالنسبة الى الاوروبيين وهي الدفاع عن حقوق الإنسان.

وللبنان، بالنسبة الى الأوروبيين، أهمية كبيرة كدولة تؤدي دورا محوريا في منطقة تقسمها النزاعات والتوترات الدموية، من ناحية، وتحاول استضافة واستيعاب النازحين، من ناحية أخرى. والاوروبيون يعلمون تماما ان لا حل لمسألة اللاجئين في لبنان من دون التوصل الى حل حقيقي للأزمة السورية.

وقبيل المؤتمر، من المنتظر ان يعقد غدا المنتدى العربي الديموقراطي الاجتماعي الذي يضم الاحزاب الاشتراكية العربية. وسيبحث المشاركون فيه الوضع العربي الحالي على ضوء النزاعات المتمادية فيه.