يوم الثلاثاء الماضي كنا قد كتبنا في افتتاحية «الشرق» تعليقاً على حديث رئيس النظام السوري الى مجلة «فورين أفّارز» (Foreign Affairs) الأميركية (مجلة «الشؤون الدولية»).
وكانت الإفتتاحية تحت عنوان «الكذب ملح الرجال»… وسرعان ما تبيّـن لنا أنّ الصحافي الاميركي الذي عقد الحوار مع بشار وهو «جوناثان تيبيرمان» اكتشف حقيقة رئيس النظام السوري فقال فيه كلاماً يصف حاله كما هي:
فقد أجرى راديو NPR، وهو من أهم الإذاعات في الولايات المتحدة، مقابلة مع الصحافي جوناثان تيبيرمان الذي أجرى، الاسبوع الماضي، المقابلة مع بشار، ومن أهم ما جاء في إجابات تيبيرمان: «عندما كان بشار الاسد يتحدّث بهذه الأكاذيب الكبيرة جداً، مدركاً بقناعتي بعدم صحتها.. كان يذكرها من دون أن يرمش له جفن، ومن دون أن تهتز ثقته، كان ذلك صادماً لي».
وتابع الصحافي: «عنى هذا الأمر لي أحد هذين الإحتمالين: إمّا أنّه كاذب من الطراز الرفيع، وكان يقول ما يقوله للإستهلاك المحلي، وبهذه الحال فهو «سوسيوباث» sociopath (معتل إجتماعياً)، أو أنّه مؤمن فعلاً بما يقوله في حال مماثلة لهتلر عندما كان مختبئاً في الملجأ وكان الروس يبعدون مسافة ساعة فقط عن برلين، وكان ما زال يؤكد لجنرالاته أنّ ألمانيا ستربح الحرب».
وفي عودة الى افتتاحية «الشرق» يوم الثلاثاء الماضي وكنا علّقنا فيه على الحديث الذي أجراه جوناثان تيبيرمان وتحدث فيه بشار عن سيطرة قواته على الأراضي السورية فذكرنا أنّ كلامه يتوافق مع سقوط 43 قذيفة صاروخية على سائر أنحاء دمشق من دون استثناء تقريباً: على المالكي (حيث المقر الرئاسي والسفارات الأجنبية للبلدان الكبرى، ووزارة الدفاع، ومخابرات الطيران) وعلى ابو رمانة، والمزة، والمهاجرين وساحة الامويين(…) فماذا بقي من دمشق لم تدكّه صواريخ المعارضة.؟!
ثم إذا كان جيشه مسيطراً على معظم المناطق السورية فماذا تفعل الميليشيات الشيعية التي تخوض القتال الى جانبه بدءاً بـ«حزب الله» و«فيلق أبو الفضل العباس» العراقي و«عصائب أهل الحق» التابعة لعشيرة خزعل، إضافة الى الحرس الثوري الايراني؟
ويتساءل بشار: من سنحاور في روسيا، مضيفاً: أين المعارضة؟
حديث الأرقام الموثوقة والمعترف بها عالمياً يفيد أنّ المعارضة تسيطر على 60 في المئة من الأراضي السورية وقواته لا تسيطر إلاّ على 40 في المئة… فلماذا المكابرة؟ أو أنّه لا يزال عند ما كان يقوله ويردّده أتباعه في لبنان: «اليوم تنتهي الثورة… أو بعد أيام أو بعد أسابيع»… وها هي السنوات الأربع والثورة تزداد قوة ونفوذاً وفاعلية.
واللافت ردّ بشار على سؤال ما إذا كانت المعارضة تملك طيراناً فأجاب: طيران إسرائيل هو طيران المعارضة! وهو يعرف جيداً أنّ إسرائيل اجتاحت دول الطوق كلها في «حرب الأيام الستة» 1967 (سوريا، مصر، الاردن، الضفة، وغزة)… هو يعرف ذلك جيداً ولكنه لم يخبرنا متى سيكون ردّه على سلسلة العمليات الاسرائيلية المتقطعة بين وقت وآخر… متى سيكون الرد في «الوقت المناسب» وفي «المكان المناسب»؟
وهل نسيَ رئيس النظام ما قاله ابن خاله رامي مخلوف للإسرائيلي: نحن نحمي حدود إسرائيل!
ثم إذا كان عاتباً على الأميركيين فلماذا تركهم؟ وهل يتذكر يوم أعطوه خياراً رئاسياً ثلاثياً فلم يقبل؟!.
فعلاً… كلما تحدّث هذا الرجل ازداد الناس اقتناعاً بأنّه يعيش في عالم آخر.