تناقل اللبنانيون أمس الأول على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه احتراق ألواح طاقة شمسية على سطح مبنى في بشامون. نشر المقطع الخوف في قلوب الكثيرين ممّن ركّبوا أنظمة توليد كهرباء على الطاقة الشمسية في بيوتهم، أو من قبلوا بتركيبها على سطوحهم وبين منازلهم. وانقسمنا كالعادة بين حزبين: حزب الطاقة الشمسية الذي يراها بريئة من كل الشرور، وحزب مضاد سيرميها بكل الموبقات
كلّ من في منطقة بشامون دليلك قبل أن تسأل: من أين طريق المنزل الذي احترقت عنده ألواح الطاقة الشمسية؟ الوقوف عند أول «فرن مناقيش» للتأكد من صحة الاتجاه يؤكد أنّ الحادثة على كلّ لسان في المنطقة. كيف لا تكون، وألواح الطاقة الشمسية غزتها وغطت سطوح الأبنية وحتى الشرفات. من لم يجد مكاناً على السطح ثبتها كـ«خيمة» على الشرفة. غياب التيار الكهربائي الرسمي لم يترك للناس حلاً.
بعد الوصول إلى المبنى المقصود، تجد رجلاً مشغولاً بهاتفه. تسأل عن حريق الألواح فيجيبك «عندي، بيتي». ماهر ميناوي هو صاحب الألواح المحترقة، لا يكاد يجلس للحظات حتى يقوم للتواصل مع «واسطة» تساعده على الاتصال بـ«جهة نافذة» لتسريع التحقيق. ينتظر وصول من يتكلم معه ويخبره عن الـ 5300$ المحترقة على سطح المبنى. ثمّ يسارع إلى حمد الله على عدم قبوله مع تقنيّي الشركة بتركيب البطاريات والمحوّل داخل المنزل، وإصراره على أن تكون على سطح المبنى.
النظام معطّل
احترقت خمسة ألواح شمسية من أصل تسعة، بالإضافة إلى ثمانية بطاريات، مع كلّ التوصيلات الخاصة بها. أما مشهد وقوع لوح عن السطح الملتهب بالنار فيعود إلى انفجار إحدى البطاريات حسب قول ميناوي. وعند سؤاله عن وضع الكهرباء في منزله تأتيك المفاجأة، «النظام معطل منذ أكثر من عشرين يوماً».
المحوّل مفصول وكذلك البطاريات كما الألواح، ما سبب اشتعال النار إذاً؟
«ما تهنّيت بالكهربا ولا يوم» يقول ميناوي. ويشرح أنّه منذ اليوم الأول لتركيب النظام، ما إن أدار التقنيون الذين ركبوا الأجهزة ظهورهم، انقطعت الكهرباء. وبعد المتابعة مع الشركة تبيّن أنّ المحوّل لم يتحمل التيار الكهربائي وطلبوا منه إرساله إلى الصيانة. وبعد إصلاحه وإعادة تركيبه «فرقعت» الكهرباء لحظة وصله بالشبكة وأعيد إلى الصيانة مرة جديدة. يُخرج من جيبه مجموعة قطع كهربائية ليثبت لنا دفعه لمبالغ مالية وصلت إلى الـ60$ بدل صيانة، إذ لم تتحمل الشركة الكفالة. ولا يزال المحوّل إلى اليوم في الصيانة ولم تجرِ إعادة تركيبه بعد.
المحوّل مفصول وكذلك البطاريات والألواح فما هو سبب اشتعال النار؟
ميناوي لا ينوي ترك الموضوع من دون متابعة. هو ينتظر تقرير الدفاع المدني عن سبب الحريق للتقدّم بدعوى قضائية ضد الشركة. ولإثبات جديته يظهر لنا رقم المحضر المسجل في مخفر عرمون ذاكراً أنّ «المدّعي العام طلب من رجال الأمن كتابة محضر إثبات حادثة لا ادعاء». واستغرب هذه «المماطلة» إذ اشترط المدعي العام تقديم الادعاء في النيابة العامة.
والقول بأنّ «الحريق مفتعل» يرفضه ميناوي. يؤكّد «لا مشكلات مع الجيران وباب السطح مقفل وتمّ خلعه من قبل رجال الدفاع المدني للوصول إلى الحريق». هنا يفيد خبير كيميائي بأنّ «لون الدخان الرمادي في مقطع الفيديو المتداول لا يشير إلى احتراق مواد نفطية تصدر أدخنة سوداء». سؤالنا للخبير جاء من باب التأكّد من نوعية المواد الملتهبة وفحص احتمال أن تكون أحرقت بالمازوت أو البنزين؟
سوء استخدام التيار الرسمي
رواية الشركة يقدّمها أحد التقنيين المشاركين في تركيب هذا النظام المحترق. ينفي مباشرة مسؤولية الشركة عن اندلاع النيران ويؤكّد أنّ «النظام لا يعمل، المحوّل في الصيانة ولم تتم إعادة تركيبه بعد». ويؤكّد على «تسليم نظام شغال، ولّد الكهرباء لأربعة أيام قبل وقوع العطل الأول الذي يعود إلى الحمل الزائد على المحوّل». مقدّماً بذلك رواية مغايرة تماماً للتي قدّمها ميناوي عن سبب تعطّل المحوّل. ويتساءل كيف يمكن حدوث احتكاك كهربائي في حال عدم وجود «قلب النظام» ويقصد به المحوّل. ويضيف بأنّ «الألواح وحدها لا يمكن أن تتسبّب باندلاع حرائق». ويعزو ما جرى إلى «سوء استخدام التيار الرسمي من قبل صاحب المنزل، ووجود القواطع الكهربائية في مستودع فيه مواد قابلة للاشتعال». وهذا المستودع يقع مباشرة «تحت القرميد المركبة عليه الألواح». ويختم بتحديد مسؤوليته التي تنتهي عند «تسليم الزبون نظاماً شغالاً، أما سوء الاستخدام فلا يمكن إلزامنا بتعويض خسائره».
الكفالة أو الضمان عند التلف
يلفت المحامي جاد طعمة إلى أنّ الدولة تقف متفرّجة على قطاع الطاقة الشمسية اليوم دون أي تنظيم. لا معايير تُخضع الشركات وتلزمها بالتعويض على الزبون في حال وقوع الضرر. ويشدّد هنا على ضرورة «طلب الشاري للكفالة، والإصرار على قراءتها، ولو كانت مكتوبة بالأحرف الصغيرة»، مشيراً إلى «ضمان العيب الخفي». هذا التفصيل، لو لم يكن مكتوباً في نص البيع والشراء إلا أنّه يُلزم البائع بالتعويض على الشاري حال وجوده. ويرى أنّه من مسؤولية الزبون «الوقوف على كلّ تفصيل في الأجهزة التي يشتريها وعدم ترك الأمور للثقة».