Site icon IMLebanon

الطاقة الشمسية حلّ يُغني عن عشرات المعامل

 

“يُنيشنون” على محطات الإنتاج الحرارية “ليصيبوا” تكبير ثرواتهم

 

 

تبادل فريقا وزارة الطاقة ورئيس الحكومة “طابة” الكهرباء طيلة 8 أشهر، وتسابقا في اللحظة الاخيرة لانتهاء “الشوط” الحكومي لحشر بعضهما من أجل تسديد “ثلاثية نظيفة”. الفريق الاول علّق عرض جنرال الكتريك – سيمنز على تمرير سلعاتا، فيما سمح رئيس الحكومة بعبور خطة الكهرباء من دون تطبيق القانون 462/2002 أملاً بتمرير صفقة الزهراني ودير عمار. فأتت النتيجة (صفر) كهرباء بعدما فشل الفريقان بهز “شبكة” العتمة. وانصرف كل واحد منهما لـ”غسل” يديه من “دم” التعطيل.

 

كل ما يجري على صعيد الطاقة عموماً والكهرباء خصوصاً، ما هو إلا “خزعبلات تافهة”، بحسب مصادر خبيرة متابعة للملف. “الغاية منها تحقيق مكاسب سياسية ومالية ضيقة، على حساب آلام شعبٍ “يموت” على العتمة، وفي ظل أسوأ انهيار نقدي واقتصادي”. فالكهرباء أصبحت “جثة، الضرب فيها حرام”. ولا فائدة من كل العروض المقدمة لبعث الروح فيها، بما فيها آخرها، الذي يقضي بتوقيع اتفاق بالتراضي لانشاء معملين جديدين، إلى جانب القديمين في دير عمار وسلعاتا، يرفعان الطاقة الانتاجية في كل واحد منهما إلى حدود 1000 ميغاواط في غضون عام ونصف العام. وبحسب المعلومات فان السعر المقدم من قبل احدى الشركات العارضة هو بحدود 8 سنتات للكيلواط ساعة. الأمر الذي دفع برئيس الحكومة للدعوة إلى تلقفه، خصوصاً أن المواطن اليوم يدفع 17 ألف ليرة بدل الكيلواط المنتج من المولدات الخاصة، أي أكثر من 50 سنتاً (نصف دولار) على سعر صرف السوق اليوم.لكن، من قال إن لبنان بحاجة إلى إنشاء معملين أو ثلاثة؟ ولماذا الضغط بهذا الاتجاه، في الوقت الذي تدل فيه كل المؤشرات على استمرار ارتفاع كلفة مصادر الطاقة الاحفورية في القادم من السنوات؟

 

وكيف للبنان أن يبقى “يغرد” خارج سرب الاتجاه العالمي للانتقال نحو الطاقة المتجددة؟ أسئلة جوابها المنطقي هو أن “القوى الممسكة بزمام الأمور تريد من قطاع الطاقة أن يبقى مصدر تمويل فردي، وعام لمشروعها السياسي. ويكفي بحسب المصادر “زيادة سنت واحد على كلفة الكيلواط في العقد الموقع على 20 سنة، لتحقيق ربح يفوق 50 مليون دولار في كل معمل على حدة، أو ما يعادل 150 مليون دولار، إذا افترضنا إنشاء 3 معامل. وعليه فان “أي حل بعيد المدى قائم على موضوع بناء المعامل هو فاشل وفي غير مكانه”، بحسب المصادر. “إذ كلما ازدادت المعامل كلما ارتفعت الفاتورة النفطية، وخرج دولارات أكثر، وتعمّق العجز في ميزان المدفوعات”.

 

تقاسم الارباح وتوزيعها فوق جثة القطاع، هو أصل البلاء. فلبنان قد يكون بحاجة إلى معمل حراري جديد واحد، أو حتى تأمين الغاز لتشغيل المعامل الموجودة فقط، والانتقال بشكل سريع إلى مشاريع الكهرباء على الطاقة الشمسية الموزعة فوق المنازل والمباني. فالمناطق التي ترتفع عن 300 متر فوق سطح البحر تستهلك ما يقارب 40 في المئة من الكهرباء. وهناك إمكانية كبيرة وجدية لانتاج ما يقارب 500 ميغاواط حقيقية من الكهرباء في غضون 6 أشهر فقط بالاعتماد على “زرع” الاسطح في هذه المناطق بألواح الطاقة الشمسية، وشبكها مع الكهرباء. تضاف إليها إمكانية تأمين 500 ميغاواط أخرى من الطاقة الافتراضية بحسب إحدى الخطط المقترحة. لترتفع بذلك الطاقة الانتاجية إلى 1000 ميغاواط. حيث بالامكان إعطاء مولدات البنايات المنتشرة في كل المدن اللبنانية والتي تنتج 500 ميغاواط حوافز مالية لاضاءة الابنية من الساعة السادسة مساء حتى العاشرة ليلاً، وتحويل كهرباء الدولة إلى المناطق التي تتغذى بالطاقة الشمسية. وعليه فان شبك ما تنتجه كهرباء لبنان، مع ما تولده المولدات وما تعطيه ألواح الطاقة الشمسية، تؤمن وفراً هائلاً في تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، يتمثل في الاستغناء عن نسبة من بطاريات التخزين، التي تكلف ما بين 40 إلى 60 في المئة من مجمل أنظمة الطاقة الشمسية. فربط هذه الانظمة بالشبكة العامة والاستفادة ليلاً من كهرباء الدولة يخفض الحاجة إلى عدد كبير من البطاريات ويصبح بالامكان تركيب 3 أنظمة شمسية لثلاث وحدات سكنية بكلفة وحدتين فقط، نتيجة التوفير في ثمن البطاريات. أمّا التمويل لهذا المشروع فيؤمن من صناديق استثمارية، على أن تسدد المنازل الاكلاف بالتقسيط على عدد من السنوات. وبهذه الطريقة المنظمة تنخفض الكلفة بشكل كبير على الوحدات السكنية وتعم منافع الكهرباء على الجميع. فعلياً انظمة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية انطلقت لوحدها من دون سياسة عامة أو خطة استراتيجية. ومن المنتظر أن تشهد هذه العملية توسعاً هائلاً في القادم من الايام تحت ضغط الحاجة الماسة، والكلفة الهائلة للمولدات الخاصة والانقطاع شبه الكلي لكهرباء الدولة. وبحسب آخر الأرقام فان انتاج الكهرباء الفردي من الطاقة الشمسية زاد بشكل عام لغاية نهاية 2021 إلى 100 ميغاواط تشكل 20 في المئة من كامل الطاقة المنتجة من كهرباء لبنان. بيد أن هذه العملية على حسناتها ما زال يعوزها بحسب الخبراء أمران:

 

الاول، التنظيم والتعاون وشبكها بين بعضها البعض من أجل تخفيض الكلفة وتعميم المنافع.

 

الثاني، أخذها بالاعتبار في أي خطة لقطاع الطاقة في المستقبل.

 

مع الاسف فان الخطط الموضوعة لا تأخذ أنظمة توليد الكهرباء الفردية من الطاقة الشمسية الآخذة في التوسع والازدياد بالاعتبار، وتركز على إنشاء المعامل حتى لو تراجع الطلب على الكهرباء مستقبلاً. وعلى الرغم من أن الدولة تفاوض الاردن لاستيراد 200 ميغاواط من الفائض الذي تنتجه، إلا أنها لم تأبه للتجربة الاردنية في مجال الطاقة. فالمملكة التي توسعت بتركيب انظمة الطاقة الشمسية تعاقدت في الوقت نفسه مع شركات لبناء معملين. ومع الانتشار الكبير والسريع جداً لالواح الطاقة الشمسية الفردية أصبح لديها فائض من انتاج المعامل ملزمة بشراء 80 في المئة منه على سعر ثابت لمدة 20 عاماً، في حين أن كلفة الكهرباء من الشمس تنخفض.

 

إبحثوا عن عقود IPP

 

لبنان اليوم يكرر الخطأ نفسه، إنما عن سابق إصرار وتصميم. فسواء في بناء المعامل الحرارية أو الهوائية، أو حتى تلزيم المزارع الإحدى عشرة لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية مؤخراً، تربط الحكومة نفسها بموردي الطاقة المستقلين “Independent Power Providers:IPP”.. وتلتزم بشراء الانتاج على فترة تتراوح أقله بين 20 و25 سنة. وهنا تبدأ المأساة؛ فعدا عن أن زيادة سنت واحد على عقود المناقصات كفيل بتأمين تمويل الاحزاب السياسية والطائفية، فان كلفة الكهرباء محكومة بالانخفاض مع تقدم التكنولوجيات وتوسع الاستعمال فيما تبقى الدولة ملزمة بدفع السعر الاكبر على عدد طويل من السنوات.

 

طالما الكهرباء “دجاجة” تمويل الاحزاب والجهات التي تستفيد منها، لن يبصر أي حل عملي وعلمي النور. وسنبقى ندور في حلقة العتمة المفرغة ذاتها لعقود.