ليس معقولاً ولا مقبولاً ولا مبرراً أن نكون لا نزال ندفع فاتورتين عن التيار الكهربائي. فاتورتان على الأقل، كون الكثير من اللبنانيين يتوجب عليهم سداد بضع فواتير إضافية الى فاتورتي المولد و«الدولة» في المنزل، ومثلهما في المكتب وسائر مقرات العمل، وأيضاً مثلهما في المصانع.
ونود أن نحصر كلامنا، في هذه العجالة، بالتيار الكهربائي، لأننا لو شئنا أن نتناول سائر تكاليف الحياة الباهظة في لبنان، لاسترسلنا في الفواتير!
وكذلك نود أن نثمن «التقرير – المطالعة» الذي تقدّم به رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء عارضاً فيه واقع حال الكهرباء كما هو وبالأرقام المخيفة… التي ربما ليست جديدة على الكثيرين، ولكن صدورها عن المرجع الأعلى والأول في الدولة، وعرضها على مجلس الوزراء، صلب السلطة التنفيذية، يجعلان منها وثيقة أساسية ومرجعاً لكل معالجة للشأن الكهربائي.
الرئيس عون، الذي فتح ملف الكهرباء بقوة، في الأسابيع الأخيرة ليس في حاجة لمن يخبره أنّ هذه المسألة تشكل ثغرة بارزة في مسار عهده. ولا نقول ثغرة قاتلة، ولكنها خطرة جداً، خصوصاً وأنّ الأزمة الإقتصادية – الإجتماعية ضاربة أطنابها من جهة ولأن اللبنانيين علّقوا الآمال العريضة على هذا العهد ولا يزالون وهم لا يتصوّرون أن الرئيس عون غير متمكن من حلّ أزمة التيار الكهربائي… ولا يبدون معنيين بالصلاحيات والعراقيل والخبايا التي في الزوايا، لأنهم معنيون بحقهم في الحصول على التيار في بلد عرف الكهرباء قبل مئة عام تقريباً (تحديداً في مطلع العشرينات من القرن العشرين الماضي… وحتى وقوع الأحداث المؤلمة كان لديهم فائض في التيار الكهربائي…) وأبعد من ذلك كنّا نزوّد سوريا بالتيار في مناسبات محدّدة مثل مناسبة إقامة معرض دمشق الدولي كانت دمشق تستجر التيار من لبنان الذي يبتاع منها الكهرباء في الزمن الرديء أي منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم.
وليكن معلوماً أن الأطراف التي تزايد في الكهرباء تبدو غير موفقة أمام الرأي العام الذي يعرف «القصة» كاملة من طقطق الى السلام عليكم، ويعرف الكثير عن «الحج زنكي» وأين هو مدفون، ومن دفنه ودفن أسلافه وأجداده وآباءه وأبناءه وهو يستعد لأن يدفن أحفاده أيضاً!
وفي تقديرنا أن التعامل مع الكهرباء لم يعد جائزاً بأي شكل من الأشكال… ولم تعد مسموحة هذه المماطلة في توفير التيار الكهربائي… لذلك فإنّ أقل ما هو مطلوب اليوم، في تقديرنا، ونحن نفكر كمجرّد مواطنين، ولسنا ذوات خبرة وتقنيات في هذا المجال… نقول إن أدنى المطلوب هو حلّ أزمة الكهرباء من خلال السير (في الوقت ذاته) بمشروع البواخر موقتاً (ونشدد على كلمة موقتاً) والبدء بتنفيذ مشروع المعامل تجهيزاً حيث يجب إنشاؤها، فتكون معامل إنتاج الطاقة قد أضحت جاهزة مع إنتهاء مفعول العقد مع البواخر… هذا هو الحل الأمثل، وإلاّ فالحل الجذري هو في خصخصة القطاع!