لم تتأخر السعودية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، في الرد على المناورة الروسية الأسدية الخاصة بتشكيل وفد المعارضة السورية الى مؤتمر جنيف 3.
الوزير الجبير أكد بوضوح أنه «لا يمكن أي طرف أن يفرض على المعارضة من سيمثلها في المفاوضات»، قاطعاً بذلك، الطريق من أوله، على محاولة الطرف الآخر تحويل المؤتمر المذكور الى سيرك مفتوح للبهلوانيات الأسدية المعتادة. وعلى الاستمرار في تكتيك شق صفوف المعارضين السوريين في سياق الاستراتيجية القائمة على رفض أي صيغة توصل في نهايتها الى إسدال الستار على آخر فصول حكم الأسد لسوريا.
مؤتمر الرياض غير المسبوق، جمع كل القوى التي تعبّر فعلياً وواقعياً عن السوريين الذين يقاتلون منذ خمس سنوات. وتلك القوى، مثل حقيقتها، لا تشتمل على الجماعات المصنفة إرهابية.. وأمكن في النتيجة، تقديم هيئة تفاوضية واقعية (برغم غياب المكوّن الكردي) وإعداد ورقة عمل موحّدة للذهاب بها الى جنيف على اساس برنامج تسووي متدرج هو حصيلة حوارات ومحادثات ومفاوضات اقليمية ودولية، أساسها أميركي روسي.
وذلك نجاح لم يعجب الأسد ولا الإيرانيين.. لكن الغريب في الأمر هو أن الجانب الروسي يحاول ميدانياً وديبلوماسياً ملاقاة ذلك الموقف العدمي. أي انه يستمر في استهداف مواقع المعارضة غير المصنفة إرهابية لكسرها وإضعافها وفق سيناريو يتجاهل تماماً قصة «الحل السياسي» والتحضيرات الجارية على طريقه. ويسعى إلى فرض معادلات ميدانية تمكنه على ما يفترض، من التنصل لاحقاً من أي التزامات لا يريدها الأسد، لا في بداية المطاف ولا في نهايته.
والواقع يقول، انه كلما تقدم المحور الأسدي خطوة على الأرض شطب، أو حاول الروس، شطب بند لا يعجبهم من «مسودة« الحل المتفق عليه مع الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى.. وصولاً الى المحاولة الأكثر فظاظة المتمثلة في تحديد هوية المؤهل في رأيهم للجلوس حول طاولة المفاوضات. وهؤلاء، تبعاً لهذه المعادلة يشتملون على «معارضة» مدعاة، غير موجودة سوى في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة السلطة أو في داخل «المنطق» الذي تعتمده تلك السلطة! أي الوصول في النتيجة الى معادلة: السلطة التي تتفاوض مع حالها. و»المعارضة» التي تتقاتل مع بعضها!
.. كثيرون، ومن مختلف الاتجاهات والهويات والتمنيات، لا يتوقعون، ولا يرون «حلاً» سياسياً قريباً لهذه النكبة. ويعرفون أكثر، أن مصطلح «الحل» في ذاته لا يتناسق مع «شيء» اسمه السلطة الأسدية. ومع ذلك، فإن التعامل بجدية تامة من قبل المعارضة وداعميها، مع كل خطوة سياسية متصلة ببرنامج جنيف -3، هو أمر واجب، ويدلّ على التزام سياسي وأخلاقي كبير تجاه الشعب السوري، وعلى عدم التراخي في دعمه، على «كل المستويات».
وذلك تحديداً، ما يعنيه الموقف الذي عبّر عنه الوزير الجبير وبوضوح تام.