هل تدخل «هانغتشو» الصينية التاريخ؟ فالمدينة التي تستضيف الاثنين والثلاثاء المقبلين قمة مجموعة العشرين قد تشهد ولادة «الاتفاق الكبير» على شكل الحل السوري بين الرئيسين الأميركي والروسي على هامش القمة.. إذا صدقت التوقعات ونجحت التحضيرات الجدية الجارية لإعلان هذا الاتفاق بين الجانبين.
هي «قمة سورية» بامتياز يتم العمل على بلورة خطوطها العريضة والتحضير لإنجاحها تحت قبة القمة الصينية، سيما وأنّ معلومات ديبلوماسية موثوقة تؤكد أنّ وفدين عسكريين أميركي وروسي يخوضان حالياً في جنيف في نقاشات معمقة حول خارطة الحل السوري ويعقدان سلسلة اجتماعات متتالية من المتوقع أن تستمر حتى موعد انعقاد قمة العشرين تحضيراً لأجندة لقاء الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين.
وإذا كان عدم استبعاد الرئيس الروسي الاتفاق مع الولايات المتحدة «قريباً على أمر ما ونعلنه للمجموعة الدولية» بحسب تعبيره لوكالة «بلومبرغ» يحمل ما يكفي من الدلالات على جدية المساعي المبذولة لجعل القمة الصينية مفصلية سورياً، خصوصاً إذا ما أقرن كلامه هذا بما قاله جون كيري منذ أسبوع بعد محادثات جنيف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن «تقدم في توضيح مسار التوصل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا»، فإنّ المعطيات المتوافرة عن الاجتماعات العسكرية الأميركية الروسية المتسارعة راهناً في جنيف تؤشر إلى كون الروس يعقدون العزم والأمل على أن يبلغ هذا «المسار» في قمة العشرين نقطة «الاتفاق الناجز» مع الأميركيين حول الملف السوري فيصار إلى تتويجه بإعلان «هدنة دائمة على كل الأراضي السورية» باستثناء تلك التي تحدد بوصفها مناطق ساقطة عسكرياً بيد «تنظيمات إرهابية» تمهيداً لشن ضربات عسكرية مشتركة أميركية روسية عليها.
لكن! ولأنّ كل شياطين العالم تكمن في تفاصيل الحل السوري، فإنّ الطريق ليس معبّداً تماماً أمام قرب التوصل إلى هذا الحل والآمال ليست مشرعة على مصراعيها تفاؤلاً بقرب الاتفاق الناجز عليه تحت وطأة نقاط الخلاف العديدة التي لا تزال تعترض هذا الطريق وتهدد بتبدد هذه الآمال. وأبرز النقاط العالقة بين الوفدين الأميركي والروسي في جنيف:
1- المناطق المنوي تحديدها «إرهابية» لضربها واستهداف المجموعات التي تسيطر عليها، وبالتحديد ما يخص «جبهة النصرة» التي يطالب الروس الأميركيين بتحديد خارطة المناطق الخاضعة لنفوذها.
2- من يدخل المناطق التي سيتم تحريرها بعد طرد الإرهابيين منها؟ الروس أو الأميركيون أم طرف ثالث!
3- مدة المرحلة الانتقالية التي تطالب موسكو ببقاء بشار الأسد خلالها في سدة الرئاسة، علماً أنّ واشنطن باتت في المبدأ موافقة على بقائه في هذه المرحلة لكنها لا تزال مختلفة مع الروس على مدتها، بينما كانت المعلومات تتحدث عن اتفاق كل من بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان على ألا تتعدى 9 أشهر يُصار بعدها إلى انتقال السلطة وفق الأطر الدستورية.
إنه الحل السوري وقد بدأت معالمه ترتسم من «جرابلس».. فهل يكون تتويجه في «هانغتشو»؟