IMLebanon

الحل بالعودة إلى التزام “إعلان بعبدا” لا مشاركة في التحالف ولا مشاركة في سوريا

إذا كان للبنان أشقاء وأصدقاء حقيقيون وكان فيه قادة مخلصون له، فإن الفرصة متاحة لإنقاذه مما يجري في المنطقة.

لقد وافق أقطاب الحوار بالاجماع على “إعلان بعبدا” الذي يحيّد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم. فإذا كانت ظروف الحرب في سوريا حالت دون تطبيق مضمون هذا الاعلان واضطر “حزب الله” إلى التدخل عسكرياً في هذه الحرب، فإن التحالف الدولي الذي قام لمحاربة تنظيم “داعش” وكل المجموعات الارهابية على اختلاف أشكالها وهوياتها يجعل الفرصة سانحة للعودة إلى “إعلان بعبدا” وتطبيق بنوده بدعم عربي ودولي، إذ أنه لا يعود لبقاء مقاتلي “حزب الله” في سوريا مبرر وخصوصا بعدما باشر هذا التحالف تنظيف “العراق وسوريا من الارهابيين توصلا الى اقامة حكم قادر على حفظ الأمن والاستقرار فيهما. وعندما يقوم مثل هذا الحكم فإنه يصبح في الإمكان تنفيذ القرار 1701 تنفيذا دقيقا كاملا، إذ إن تنفيذه يجعل لبنان قادرا على حماية حياده من خلال ضبط حدوده مع سوريا وجعلها هادئة كما صارت هادئة مع اسرائيل بتنفيذ جزء منه. وعندما تنسحب اسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من قرية الغجر تنفيذا للقرار بكامله فإن الهدنة الموقعة بين لبنان واسرائيل تصبح هي المنظمة للعلاقات بين البلدين في انتظار التوصل الى اتفاق سلام شامل في المنطقة.

لذلك على لبنان الرسمي أن ينشط لدى أشقائه وأصدقائه لإبقائه خارج ما يعد من خرائط للمنطقة ليبقى خارجها وذلك بالعودة إلى “إعلان بعبدا” الذي حظي باجماع لبناني وبشبه اجماع عربي واقليمي ودولي حرصا من الجميع على استمرار امنه واستقراره وجعله فعلا لا قولا “سويسرا الشرق”، وان الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة مهمتها الاولى وضع “اعلان بعبدا” موضع التنفيذ وكذلك القرار 1701 بكل مندرجاته هو ما يلائم تركيبة لبنان المختلفة عن تركيبة الكثير من دول المنطقة وهي تركيبة لم تعد تتحمل تداعيات صراعات المحاور على أرضه ولا انحيازاً لأي محور. وإذا كانت الظروف في سوريا ودور إيران في المنطقة فرضا على “حزب الله” مخالفة “إعلان بعبدا” وجعلا سوريا لا تتجاوب مع الرغبة في تنفيذ القرار 1701، فإن الاوضاع التي ستنشأ عن ضرب الارهاب وإقامة حكم الوفاق في كل دولة، تجعل “حزب الله” ينضم إلى الأحزاب الأخرى في لبنان ويوافق من خلال حكومة وفاقية يتم تأليفها بعد انتخاب رئيس وفاقي ليعمل الجميع عندئذ بصدق وجدية على جعل لبنان سويسرا الشرق لأن لا حياة للبنان ولا بقاء له واحداً موحداً أرضاً وشعباً ومؤسسات إلا بالحياد.

وإذا كان “حزب الله” ولظروف استثنائية لم يتقيد بـ”اعلان بعبدا” ولا حليفته سوريا اهتمت بتنفيذ القرار 1701 كاملاً، فإن الظروف تتغير الآن لتجعل التنفيذ ممكناً خصوصاً أن لا مصلحة لأحد في أن يكون لبنان غير مستقر.

إن القيادات تعترف بأن لبنان يمر بأزمة وجود وأزمة كيان، ولا خروج منها إلا بوحدة صف وموقف تخرج لبنان من لعبة الأمم التي تهدد دول المنطقة، ولا خروج منها إلا بالعودة الى “إعلان بعبدا”، وما رفض الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مشاركة لبنان في التحالف الدولي سوى بداية العودة إليه، لأن الحياد لا يكون اختيارياً أو انتقائياً إنما يكون ملزماً في مواقف الجميع. فكما تكون المشاركة في التحالف الدولي مرفوضة، فإن المشاركة في الحرب السورية مرفوضة أيضاً.

إن على القيادات تقع مسؤولية إنقاذ لبنان، وسيحاسب التاريخ كل واحد منها على أعماله وأفعاله، ولنتذكر قول الرئيس السابق ميشال سليمان: “ان من يرى اليوم في اعلان بعبدا انه غير مهم، سوف يجد فيه قيمة كبيرة مضافة للبنان قريبا”.

لذلك فليكن الاتفاق على عدم المشاركة في التحالف الدولي لضرب “داعش” اتفاقا ايضا على عدم المشاركة في الحرب السورية وانسحاب “حزب الله” منها ليكون ذلك بداية الدخول في مرحلة تنفيذ “إعلان بعبدا” مع الرئيس العتيد والحكومة العتيدة.