IMLebanon

حل مشكلة النازحين السوريين يتخطى قدرات الاطراف المحليين ومرتبط بحل الازمة السورية

    طرح مسألة التفاوض مع النظام السوري لحل مشكلة النزوح هدفه اثارة البلبلة السياسية

    «يبقى الهدف الأساس غير المعلن من كل ما يطرحه حزب الله هو إبقاء الساحة اللبنانية عرضة لمزيد من الفوضى والتهويل بمشكلة النازحين السوريين»

لماذا يطرح «حزب الله» فتح حوار مباشر بين الحكومة اللبنانية وحكومة نظام الرئيس بشار الاسد لحل مسألة اللاجئين السوريين كما يدعي الحزب ظاهرياً في هذا الوقت بالذات؟

يعرف «حزب الله» حق المعرفة استحالة فتح حوار مباشر وجدي بين الحكومة اللبنانية مع نظام الاسد لاعتبارات واسباب عديدة وفي مقدمتها حالة العداء الشديد والانقطاع في العلاقة بين الطرفين منذ تآمر النظام مع «حزب الله» لاسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري في العام 2010 خلافا لكل الوعود والاتفاقات المسبقة المعطاة غداة تأليفها وبسبب تعاطف ودعم رئيس الحكومة اللبنانية القوي ووقوفه الى جانب ثورة الشعب السوري ضد النظام الديكتاتوري الدموي اضافة الى الاستياء من الممارسات والجرائم الارهابية التي ارتكبها عملاء واتباع النظام ضد فئات من الشعب اللبناني خلال السنوات الماضية في العديد من المناطق اللبنانية.

حاول الحزب من هذا الطرح بالذات احداث حالة بلبلة سياسية في الداخل وايجاد ارباك واضح بين اطراف السلطة لاول مرة على هذا النحو منذ خطوة انتخاب الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري وقد ظهر ذلك بالانقسام السياسي الذي حصل داخل جلسة مجلس الوزراء التي تناولت مسألة فتح حوار بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري لايجاد حل لازمة النزوح السوري وما تزال تردداتها مستمرة ولو بوتيرة اقل حدة من الايام السابقة لان الهدف المخفي ابعد مما طرح علناً بهذا الخصوص.

يريد «حزب الله» الظهور بمظهر الحريص على حل مسألة النازحين السوريين بالداخل اللبناني بعدما اصبحت ضاغطة وموضع تذمر من أكثرية اللبنانيين، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني انه تسبب بتحالفه ومحاربته إلى جانب نظام الأسد في قتل آلاف المدنيين السوريين وتدمير القرى والمدن السورية على مر السنوات الماضية وساهم مساهمة مباشرة في تهجير المدنيين من مناطقهم إلى الأراضي اللبنانية والسماح لهم بعبور الحدود يومذاك دون حسيب أو رقيب وبشكل عشوائي بالرغم من وجود حكومة تأتمر بأوامر الحزب وتنفذ تعليماته وذلك لخلق حالة من الفوضى الضاغطة على اللبنانيين، لارغامهم على تبديل موقفهم المتعاطف مع الثورة السورية.

اليوم يحاول «حزب الله» من خلال طرحه مسألة التفاوض بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية تبييض سجله السوداوي الدموي ونفض يديه من المشاركة في عملية تهجير النازحين السوريين من الداخل السوري إلى لبنان وغيره من الدول، وقد باشر قبل أسابيع تنظيم خطوة استعراضية مكشوفة بمحاولة إعادة مئات العائلات السورية إلى أراضيها في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية – السورية لايهام الرأي العام اللبناني والعربي بأن الحزب لم يمارس التهجير المذهبي ضد السوريين المعارضين للنظام أو اقتطاع الأراضي خلافاً للواقع ولم تنجح هذه العملية بعد انقلاب النظام والحزب على تعهداتهما بعدم ملاحقة العائدين أو التعرّض لهم بالاعتقال أو الحاقهم بالخدمة العسكرية الاجبارية للنظام خلافاً لارادتهم مما أدى الى فرار العشرات وعودتهم إلى لبنان مجدداً بشكل غير شرعي.

والكل يعلم ان حل مشكلة النازحين السوريين في لبنان لا تتم بمجرد رغبة من هذا الطرف السياسي أو ذاك كما يحاول الحزب وادواته ايهام الرأي العام بذلك، بل أصبحت المشكلة أكبر من ذلك وتتخطى قدرات الأطراف المحليين وهي تتطلب قبل كل شيء تأمين ضمانات وتوفير مناطق آمنة برعاية اممية مكفولة من الدول الكبرى القادرة على حماية النازحين في مناطق عودتهم ووجودهم لأنه لا يمكن الركون إلى تعهدات وضمانات النظام وحليفه «حزب الله» على الإطلاق، وقد يتطلب الأمر مزيداً من الانتظار لحين تبيان مسار الجهود المبذولة لتثبيت شامل لوقف النار والمباشرة بحل الأزمة السورية.

لذلك، تبدو كل المحاولات الظاهرية لحل مسألة النزوح السوري تراوح مكانها بالرغم من كل الضجيج التي يثار من حولها، في حين يبقى الهدف الأساس غير المعلن من كل ما يطرح هو إبقاء الساحة اللبنانية عُرضة لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والتهويل بمشكلة النازحين السوريين ومحاولة اثارتهم ضد السلطة اللبنانية والقوى العسكرية والأمنية كما يحصل اليوم، مقابل التستر على مشكلة سلاح «حزب الله» غير الشرعي واستمرار مشاركته في الحروب المذهبية والطائفية في سوريا وغيرها من الدول العربية الأخرى، دون مساءلة من أي طرف كان.