Site icon IMLebanon

صَوْمِلونا وارحَمونا

 

 

من أهمّ إنجازات هذا العهد القويّ أنه دفع اللبنانيين ليحسدوا دولة الصومال التي أعلن رئيس مجلس شعبها، السبت الماضي، إقالة رئيس مجلس الوزراء حسن علي خيري بعد تصويت على سحب الثقة. وسبب الإقالة انتقادات لجهود خيري في ما يتعلق بإحكام الأمن في البلاد.

 

وفي حين لا نعرف عن الوضع الصومالي بتفاصيله إلا أخبار الجوع والفقر ما يضعه في أسفل السلم الإقتصادي، إلا أن وجود مجلس شعب يطرح ثقة بحكومة ويُقيل رئيسها، يجعلنا نحسد هذه الدولة، التي لم نعد أحسن منها على ما يبدو.

 

فنحن لم نسمع أنّ في الصومال صُهراً وقهراً كما عندنا. ولم يقل رئيس الحكومة الصومالي المُقال، إنّه لن يستقيل وسيتمسّك بالكرسي خوفاً من الفراغ، لأنّ الله خلقه وكسر القالب.

 

ففي لبنان وليس في الصومال، تمرّ مرور الكرام إستباحة الأمن الصحّي للمواطنين في زمن “كورونا” بطائرات إيرانية، لم تكن ستتمّ الإشارة إليها لولا إعتراض مُقاتلات أميركية لها، ولولا رغبة إيران وتوابع مِحورها باستغلال صور الأطفال لغايات صراعها مع الولايات المتّحدة، في حين لا تتورّع عن قمع المتظاهرين عندها واعتقالهم وقتلهم، هذا عدا قتل نصف الشعبين السوري والعراقي، وأينما طالت أذرع المِحور.

 

كذلك، لم يسمع الشعب الصومالي، عفواً الشعب اللبناني، حسّ رئيس حكومته حيال التهديدات الإسرائيلية، فصاحب الإنجازات لم يقرأ أبعاد تحميل رئيس وزراء العدو الصهيوني الغاشم لبنان وسوريا مسؤولية أيّ هجوم على دولته.

 

ولِمَ يفعل؟ فقد تولّى مُمثّل السلطة الفعلية الأمر، وأعلن أنّ “معادلة الردع قائمة مع إسرائيل، ولا تغيير في قواعد الإشتباك… ولسنا بوارد تعديل هذه المعادلة”.

 

ماذا عن “اليونيفيل” بكل تشعّبات الملفّ، مع تلويح الولايات المتحدة بوقف التمويل المُترافق مع نقاش حادّ بشأن تغيير مهام “القبّعات الزرق” في الجنوب، وإعتبار”حزب الله” أن أي تغيير لولاية القوات الدولية يحوّلها كتيبة استخباراتية إسرائيلية؟؟

 

وماذا عن فضيحة الدجاج الفاسد واللحم الفاسد والأسماك الفاسدة؟

 

الظاهر أنّ الهدف منها تخويف الناس، ما يُخّفف عن حكومتنا ورئيسها ووزرائها الضغط الشعبي، نتيجة الغلاء المجنون للأسعار مع صوم اللبنانيين عن اللحوم. لتبقى مُساءلة المرتكبين ومُحاسبتهم ومُحاكمتهم في علم الغيب، مع إشارات الى أنّ مالِكَيْ مستودع الدجاج باتا على الحدود اللبنانية ـ السورية، ما يعني أنّ لديهما دعماً يُتيح لهما الهروب الى حيث يفرّ المجرمون الذين يدورون في فلك المِحور.

 

أمّا عن إنجاز التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، الذي يتمسّك به العهد القوي، فالواضح أنّ جلّ مبتغاه إستبدال الحاكم بآخر من عظام رقبة العهد، على أن يبصم بالطاعة لكلّ توجّهات المِحور على صعيد مالية الدولة.

 

وبعد… هل يهمّ كثيراً أو قليلاً، إذا أقال مجلس الشعب اللبناني حكومة لا فعالية لديها على المستوى الأمني والسياسي والإقتصادي؟

 

بالتأكيد لا يهمّ. الدولة اللبنانية بمفهومها المؤسّساتي طارت، وطار معها كل ما هو مُرتبط بها من أجهزة وإدارات تنحصر وظيفتها بالمشهدية المسرحية… وربما تدفع اللبنانيين الى رفع شِعار: صَوْمِلونا وارحمونا…