هنالك لكل «عم سام» صواريخه التي يخص بها طرفاً عربياً ما، منتهزاً أخطاء أو خطايا أو خطوات إرتكبها رئيس هذا النظام العربي أو ذاك وكانت موضع إنزعاج الشعب وأحياناً تمنياته المكبوتة غير القادر على إخراجها من الصدر.
وبذريعة التعاطف مع الشعب المكبوتة حريته، أو الذي يقاسي مِن تعامُل النظام معه، يقرر«العم سام» ولغرض في نفسه، وليس لدوافع إنسانية، توجيه ضربة توجِع النظام يحقق من خلالها إلتفاف الشعب الذي يعاني من سلوكيات نظام بلده. وهكذا يصبح «عم سام» الذي أعطى الأمر بتوجيه ضربة صاروخية إلى ذلك النظام رمزاً للإنقاذ في نظر الناس.
وبعيداً عن التنظير نقول ونحن نعيش تداعيات الضربة الصاروخية التي وجَّهها أحدث «الأعمام» الرئيس دونالد ترامب إلى قاعدة حربية جوية في سوريا (مطار الشعيرات قرب حمص مدينة السيدة أسماء زوجة الرئيس بشَّار الأسد)، أن «العم سام» الحالي الرئيس ترامب ومِن قبْل أن ينجز المئة يوم الأُولى من ولايته الرئاسية حذا في تلك الضربة حذو عدد من «الأعمام السابقين» بدءاً ﺑ «العم هاري ترومان » الذي لا يغفر الله ولا الشعب الياباني على مدى أجيال ولا الإنسانية أوامره بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما يوم الإثنين 6 آب عام 1945 ثم تلاها إطلاق قنبله أُخرى على مدينة ناغازاكي في التاسع من الشهر نفسه .
أبرز «أعمام » الإستمتاع بتوجيه الضربات الصاروخية كان الرئيس الأربعون رونالد ريغان الذي أجاز لنفسه توجيه ضربة صاروخية ماحقة يوم 15 نيسان 1986 إلى مقر سكن العقيد معمَّر القذافي متسبباً بقتْل إبنته المتبناة هناء وآخرين (45 جندياً و15 مدنياً) وتحوُّل المقر إلى أنقاض، وقال في خطابه بعد الهجوم بساعتيْن:« عندما تعرض مواطنونا لهجوم أو لسوء معاملة في أي مكان في العالم بناء على أوامر مباشرة من أنظمة معادية، فإننا سنرُد طالما أنا في هذا المنصب». وعاش ريغان بعد الضربة منتشياً إلى أن جازاه الله على فِعْله بمعاناة شديدة الوطأة مع «الزهايمر»وصلت إلى درجة أنه لا يتذكر شيئاً من ماضيه الرئاسي كما لا يتذكر أنه كان متزوجاً من زوجته نانسي التي عانت هي الأُخرى من «الزهايمر» فما عادت تتذكر أنها كانت زوجة رئيس الدولة العظمى وإسمه رونالد ريغان.
الفِعْل الريغاني يبدو أقل بشاعة من فِعْل «العم سام» الرئيس جورج بوش الأب الذي على ما يبدو ورث «فيروس» شغف الإيذاء الصاروخي من «العم سام» السلَف رونالد ريغان، وكان بوش الأب شغل في العهد الريغاني منصب نائب الرئيس.
والقول إن الفِعْل البوشي بلغ في زمن حربه على العراق أعلى درجات البشاعة لأن هذا الرئيس أمر يوم 13 شباط 1991 بتوجيه صاروخ من نوع بالغ الدقة وبحيث أنه قادر على إختراق فوهة مدخنة أو فوهة عمود يوصل الهواء إلى طوابق تحت الأرض في مبنى من نوع خاص وذي طابع إستراتيجي. وهذا المبنى الذي نعنيه كان «ملجأ العامرية» في بغداد الذي كان العهد الصدَّامي أنشأه ليكون المكان القادر على إستيعاب بضع مئات من العائلات طلباً للسلامة، وكان البناء بمواصفات الملاجىء الشديدة الصلابة وقد شِيد خصيصاً لإتقاء خطر هجوم نووي إسرائيلي ثم إستباقاً لمحاولة مماثلة من المشروع الإيراني الذي إفترض الرئيس صدَّام حسين مبكِّراً أنه لا بد سيحدث. وها هي الأيام الخوالي والحالية تؤكد الإفتراضات الصدَّامية. ولقد أصاب الصاروخ البوشي الهدف بدقة وأحرق أجساد أكثر من أربعمئة طفل وفتى وفتاة ونساء وكبار في السن كانوا مطمئنين إلى أنهم قابعون في المكان الذي يحميهم لكن الفِعْل البوشي أتى عليهم حرْقاً. وبدل أن يصحح بوش الإبن أو «العم سام» الثالث والأربعون وزْر والده «العم سام» الواحد والأربعين، فإنه أضاف ما إستطاع إضافته مِن «إهداء» الصواريخ في كل إتجاه من بلاد الرافديْن غير عابىء بما تتكشف عنه الوثائق والشهادات الموضوعية من إرتكابات غير مستندة إلى حقائق شارك فيها رئيس الحكومة البريطانية (الأسبق) طوني بلير وعلى نحو مشاركة الرئيسة الأسبق مارغريت تاتشر «العم سام» الواحد والأربعين جورج بوش الأب فعْله الصاروخي. وما أصاب ريغان أصاب بوش الأب الذي ما زال على قيد الحياة كما أصاب تاتشر التي فتك «الزهايمر» بها ورحلت من دون أن تعتذر من أرواح ساهمت مع شريكها بوش الأب في إفنائها حرْقاً وإختناقاً.
وها هو «العم سام» الخامس والأربعون دونالد ترامب يدوِّن فجر يوم له قداسته (الجمعة 7 نيسان 2017) في سُجل «الأعمام سام» وصواريخهم الماحقة الفِعْل الأول له تاركاً الساحة العربية والدولية والإقليمية ملأى بكل أنواع علامات الإستفهام والتعجب. لماذا فعل وماذا سيجني وهل هي نهاية تخاذْل وبداية إقتحام للصراع الدائر منذ ست سنوات في سوريا وعليها؟