Site icon IMLebanon

شيء يفوق الخيال

 

تكرّ سبحة الأجواء الدرامية حول الأوضاع المالية في لبنان، ونحن كأننا أهل الكهف، لا نرى ولا نسمع ولا نتحرك.

 

العالم ينظر الى الهاوية التي نرتمي لبلوغ قاعها، يخاطبنا، ينبّهنا، يحذّرنا، يساعدنا، يقرع أجراس الانذار، ونحن لا نسمع وإذا سمعنا لا نستجيب، ولا نقرأ وإذا قرأنا لا نفهم ولا نكترث.

 

العالم مهتم بنا ونحن غير مهتمين بغير المغامرة بأنفسنا والمقامرة بمصيرنا، لبّت دول العالم نداءات استغاثاتنا، فأتت بقوارب سيدر في محاولة لإنقاذنا،

ونحن، ماذا فعلنا؟

 

كل مؤسسات التصنيف العالمية وضعت إصبعها على الجرح اللبناني النازف، وقالت بالفم الملآن انّ خفض التصنيف يعود الى «التأخّر في تشكيل حكومة قادرة على وضع السياسات الإصلاحية العاجلة للسيطرة على الدين العام وكلفته ولتحريك عجلة النموّ الإقتصادي».

 

وبعد تقرير «غولدمان ساكس» أتى بالأمس تقرير مؤسسة التصنيف الإئتماني «موديز» ليساوي لبنان مع كل من العراق، الغابون وزامبيا.

 

وما زلنا نحن نتلهّى بالثلث الضامن، ونتلاعب بالحقائب والمذاهب ونزيد الرهانات على القوى الخارجية لنستقوي بعضنا على بعض، ولا يسأل أحد من المراهنين والمغامرين والعاجزين نفسه ما فائدة كل هذا التشاطر والتحايل والانكار وعدم الاكتراث بالخطر، إذا سقط الكيان؟

 

إنّ خفض موديز تصنيف لبنان دراماتيكياً هو إنذار الى الدولة اللبنانية، وليس نعياً للواقع المالي اللبناني. والانذار يعني انّ هناك إمكانية للنجاة اذا ما اراد اللبنانيون تجنّب الكارثة.

 

وباب النجاة مفتاحه تأليف حكومة فوراً، وكفى مماطلة ومراهقة سياسية. آن الاوان لاعتماد الإصلاحات المطلوبة في التقشّف، في الإنفاق العام، في تعزيز الإيرادات العامة والجباية.

 

كفى هدراً للوقت والمال العام، وحقوق المواطنين، كفى السكوت عن الفساد وجريمة الهدر عن سابق تصور وتصميم، لقطاع الكهرباء الذي يشكل 30 في المئة من العجز الإجمالي للمالية العامة.

 

نشكر الله أن ليس من مؤسسات ائتمانية في كل المجالات لكي تصنّفنا كما في المال والاقتصاد، لكانت الفضيحة فضائح.

 

شيء يفوق الخيال، كأننا مخدرون، كأننا أهل الكهف، لا نريد ان نرى ونسمع ولا نحب ان نقرأ ونفهم، ولا شيء يهزّ زعيم قبيلة، لأنه اعتاد على سماع أصوات أفراد قبيلته تردّد: يا ريّس ما تِهتمّ، عندك زلم بتشرَب دم.