IMLebanon

أغنية لبوب ديلان  تختصر حال لبنان

ليس هناك نجاح مثل الفشل. سطر في أغنية للشاعر والموسيقي والمغني بوب ديلان الذي نال جائزة نوبل في الأدب للعام الحالي. لكنه ليس فانتازيا أو شطحة خيالية في قاموس الرجل الذي كسرت لجنة الجائزة من أجله التقاليد لأن من الجهل النظر اليه خارج الإبداع الأدبي وجرأة التمرد على السائد أو كأنه مجرد واحد من المغنين الكبار في العالم. فهو، وان كان تعبيراً عن التجارب العامة والخاصة في الحياة وعن الحكمة في التعلم من الفشل لضمان النجاح، يبدو أيضاً من مبادئ السياسة. لا بل انه يكاد يختصر حال لبنان، حيث يصف أهل السياسة كل كلام على التغيير والمواطنة بأنه يشعر، كأن الشعر حرف ساقط والسياسة هي الثرثرة الخطابية والشطارة في تقاسم الحصص.

ذلك ان الفشل على مدى عامين ونصف في انتخاب رئيس للجمهورية هو من آيات النجاح للأطراف المرتاحة الى الشغور الرئاسي، سواء كان الشغور يخدم مواقعها ومواقفها السياسية لوقت ما، أو يفتح الطريق أمام الافادة من متغيرات تجعل المستحيل اللامألوف في لبنان ممكناً ومألوفاً. والفشل في مواجهة الأخطار على الوضع الاقتصادي، ثم في صنع سياسات – مشاريع للكهرباء والماء والنفايات هو باب النجاح لمافيا الفساد وتوزيع الغنائم على المحظوظين والأنصار.

والفشل الأكبر والدائم في بناء مشروع الدولة هو ضمان النجاح لأمراء الطوائف والمذاهب في السيطرة على كل شيء والتصرّف كأن كل طائفة دويلة لها سياستها الخارجية وعلاقاتها الديبلوماسية. فلو كنّا في دولة لا حكم فيها إلاّ للقانون تحت سقف الدستور لما كان كل أمير حرب وطائفة يتصرّف كأنه رئيس دولة، ويفاخر بأنه ناجح ورابح في بلد فاشل وخاسر وقوي في بلد ضعيف وجماعة فقيرة.

أليس الفشل الصارخ حتى في اقامة السلطة، قبل حديث الدولة، هو ما قاد الى نجاح الميليشيات في فعل ما تريد، وازدهار موسم العودة الى قيام المزيد منها بعد أكثر من عقدين على اتفاق الطائف وحلّ الميليشيات؟ أليس الفشل المنهجي في الاتفاق على قانون انتخاب يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح ويسمح باعادة تكوين السلطة هو ما أعطى المجلس النيابي فرصة النجاح في التمديد؟ أليس الفشل في اعادة تكوين السلطة هو النجاح في اعادة تكوين الميليشيات؟

المفارقة مذهلة في لعبة الفشل والنجاح: لبنان قوة محلية، والطوائف والمذاهب، أو بعضها، قوى اقليمية. ونجاح الأدوار الاقليمية، مهما يكن الرابح في صراع المحاور، هو الوصفة المؤكدة لبقاء اللبنانيين أسرى دولة فاشلة وسلطة سيّئة وفاشلة.