لكي يستطيع المواطن اللبناني أن يعرف كيف تتصرّف السلطة مع رعاياها، لا بدّ من اجراء مقارنة حول تصرّفها في مناطق، وتصرّفها في مناطق أخرى، أو تصرّفها مع هذا المواطن، وتصرّفها مع مواطن آخر.
عمّال وموظفو شركة كهرباء لبنان، اضربوا عن العمل في ذات التوقيت تقريباً، واعترفت ادارة شركة كهرباء لبنان، ان الانخفاض في الانتاج وارتفاع مدة القطع، كانا بسبب الاضراب، وبسبب ان «نقابة عمال ومستخدمي كهرباء «لم تسمح بضخ الفيول لتشغيل الباخرتين» فتدنى الانتاج حوالى 410 ميغاوات من اصل 1800 ميغاوات، ولم تقل الدولة لعمال الكهرباء «ما احلى الكحل في عيونكم».
موظفو وعمّال «أوجيرو» اعلنوا الاضراب وتوقفوا عن العمل منذ ايام، ومستمرون الى ما شاء الله، ولا يسمحون مثلهم مثل رفاقهم في شركة الكهرباء، بأي عطل يصيب الشبكة، والدولة لم ترسل عنصراً واحداً، ليستطلع على الاقل ماذا يجري في «أوجيرو».
الضباط والعناصر المتقاعدون هددوا الدولة وشتموها، وقطعوا الطرقات، وعرقلوا السير، ولم يقترب منهم أحد الاّ بالحسنى والتمنّي لافساح مساحة لمرور سيارة.
عمّال المرفأ يكبّد اضرابهم الدولة ملايين الدولارات، والبواخر تبدّل ابحارها الى مرافئ اخرى مثل قبرص ومصر وسوريا، ويمنعون الشاحنات من دخول المرفأ بالقوّة، ولا «تهتز» الدولة لكرامتها وهيبتها، وتضع حدّاً لاضراب لا يعرف متى ينتهي.
اذا نفذ موظفو مطار رفيق الحريري في هذين اليومين، فمن المؤكد ان «الدولة القوية» ستكتفي «بالفرجة» ولن تأخذ اي تدبير لمنع اقفال المطار.
امّا اذا طالب اهالي المنصورية وعين سعادة، من نساء وأطفال وطلاّب وكهنة، بوقف تمديد الموت الكهربائي فوق رؤوسهم، وحمايتهم من الاصابة بمرض السرطان، فان عناصر في قوى الأمن ينهالون عليهم بالضرب والجرّ والدفش والركل، على ما صرّح كاهن المنصورية، لأنهم يحولون دون قيام العمال بمدّ خطوط التوتر العالي فوق بناياتهم ومدارسهم وكنائسهم ومحالهم التجارية.
في هذه المقارنة، يتحقق المثل ان «هناك صيفاً وشتاء على سطح واحد» و«مواطن درجة أولى وآخر درجة ثالثة أو رابعة» وأن هناك «أبناء ست وأبناء جارية».