IMLebanon

قريبا تنتهي نظرية «المؤامرة الافتراضية» بين المستقبل والقوات

 

 

عملياً انتهى كل شيء وعادت الأمور الى دورتها وانتظامه الداخلي، فلبنان تجاوز قطوع الاستقالة ووضعت مشاورات بعبدا خريطة الطريق للمرحلة القادمة  بابتكار مخرج لائق للأزمة برعاية وتحت اشراف دولي لها يرضي كل الأفرقاء ويحتم انتظام الوضع مجدداً، بحيث يعود رئيس الحكومة الى الحكومة التي قرر انه لا يريد ان يتركها مع احتفاظه بكل ظروف الاستقالة وما جرى معه في السعودية لنفسه، وبحيث ان حزب الله الذي مارس كل انواع التهدئة في فترة غياب سعد الحريري عن لبنان لن يكون مشظى من السيناريو الجديد الذي يريده الشركاء في الوطن بحيث من المؤكد ان حزب الله موافق على الصياغة الجديدة «الناعمة» لمعادلة النأي بالنفس التي تبعد لبنان عن الصراعات العربية وهي أصلاً واردة في البيان الوزاري.

ولكن اذا كانت أزمة النأي بالنفس تم تجاوزها وستعود الحكومة الى الاجتماع الأسبوع المقبل، فان مشهد العلاقات الداخلية بين الحلفاء أنفسهم هي ايضاً بحاجة الى اعادة صياغة مجدداً، فالعلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لم تعد تشبه نفسها منذ ما قبل الاستقالة وخرجت الى حد ما عن اسسس تفاهم معراب ومبادئها على خلفية اعتراضات وزراء القوات على ملفات يتولاها وزراء التيار الوطني الحر وتحديداً موضوع الكهرباء، فيما يشكو وزير الاعلام من تهميش ومصادرة صلاحياته والعرقلة في تلفزيون لبنان، عدا ذلك فان فريقاً عونياً اتهم القوات بالتأسيس او التآمر لضرب العهد والتحالف العوني والمستقبلي وتقويض  التسوية الرئاسية ،  اما في الجانب الآخر فان علاقة القوات وتيار المستقبل تمر ايضاً بغيمة صيف لا أحد يعرف متى وكيف ستمضي على خلفية ما سيق من اتهامات وتضليل تضعه القوات ابان أزمة الاستقالة في اطار الاقتصاص من القوات ومحاولة نسف الجسور القائمة بينها وبين التيار الازرق.

هذه الأزمة يمكن بتقدير قواتيين ان تمر بسرعة وان يتبدل المشهد فجأة عندما «يغط» الحكيم في بيت الوسط محتضناً رئيس تيار المستقبل، لكن هذه الزيارة تأخرت باعتراف القوات حيث كان يفترض ان تكون لتهنئة الحريري شخصياً برجوعه من الغياب في السعودية لولا التمادي في حرب التضليل والهجوم الذي فبركته مجموعات سياسية معينة واستهدفت تشويه العلاقة بين القوات والمستقبل، والمؤسف بحسب قواتيين ان اي رد لم يصدر من بيت الوسط او اي موقف رسمي للتوضيح وازالة الالتباس الذي حصل.

فما يقال في الاعلام ليس كله صحيحاً بحسب قواتيين، بالنسبة الى القوات ثمة حلقة مفقودة  سيتم العثور عليها قريباً تنهي ترتيب المسألة، فما يحكى عن دور تحريضي لجعجع مارسه في المملكة سبق الاستقالة او ادت اليه هو لزر الرماد في العيون والتغطية او تحويل الانظار عن ملفات خطيرة  يتم التحضير لتمريرها من خلال التشويش ومحاولة النيل من العلاقة بين المستقبل والقوات وتقويض المبادىء التي قامت عليها 14 آذار، وربما يكون المقصود منها تحجيم القوات ومحاصرتها في الحكومة خصوصاً ان تجربة القوات أتعبت البعض في الحكومة وكانت مربكة في ملفات الكهرباء بتعطيل الصفقات الكهربائية والملفات المتعلقة بها.

ومع اصرار فريق على عزل القوات واستفزاز سمير جعجع لعزله سياسياً تمهيدا لإحراجه فإخراجه من الحكومة ومن خلال الايحاء انه وراء «فيلم الحريري السعودي» وانه حبك مؤامرة ما في السعودية ضد الحريري وبانه تارة يريد ضرب العهد بالاطاحة بالحريري ورئيس الجمهورية معاً، فان القوات قبل ان تبادر الى اي خطوة هي تنتظر الرد من بيت الوسط، فالتعميم الذي اصدره الحريري على فريقه السياسي والمستقبليين بعدم التعرض للقوات لا يشفي الغليل القواتي، المطلوب راهناً موقفاً رسمياً من سعد الحريري والمزيد من التوضيح لازالة كامل الالتباس عن الموضوع، فالاتهامات توزعت يميناً وشمالاً وهي لم تأتِ من الغيم، بل اتت من المجموعة السياسية القريبة من رئيس الحكومة احياناً مما يقتضي التوضيح اكثر.

وعليه بنظر القواتيين فان مواقف الحريري  اليوم في شأن احتجازه او غيابه في المملكة تماهت مع ما كان يقوله جعجع، فالحريري بنفسه اكد انه لم يكن محتجزاً وان ما حصل في الرياض يحتفظ به لنفسه، وهو اليوم عاد ليتشدد في مسألة النأي بالنفس، فلماذا تحويل القوات وزر مواقفها في تلك المرحلة حول قرار الاستقالة وضرورة النأي بالنفس والظروف التي اوصلت الحريري الى هذا الخيار.

يمكن لسمير جعجع في اي وقت ان يزور بيت الوسط حالما تنتهي مفاعيل الازمة والحملة على القوات، ولكن بحسب المراقبين، فان الحريري الذي انهى ازمة تريثه بالعودة الى الحكومة  لا يزال «متريثاً» في ترتيب الوضع مع القوات والندوب التي اصابت وشظت العلاقة.

القيادي في القوات إدي ابي اللمع لم يتردد في التعبير عن عتبه على بيت الوسط لعدم المبادرة الى دحض الاتهامات التي سيقت بحق القوات، فالقوات ترفض نظرية فبركتها للمؤامرة، هي مؤامرة افتراضية نسجها البعض لدق اسفين في العلاقة، وقد يكون المستفيدين منها يسعون الى تقارب وتحالف انتخابي على ابواب الانتخابات مع المستقبل.

في هذا السياق فان القوات التي كانت ترغب في مرحلة ما بمغادرة الحكومة على خلفية التجاذب مع وزراء التيار الوطني الحر تبدو اليوم متشبثة اكثر بالبقاء بالحكومة، وبالتالي فان وزارء القوات الثلاثة باقون في الحكومة طالما الحكومة مستمرة  واذا كان اي تعديل وزاري ليس مطروحاً في المرحلة الراهنة.