.. ومرّت السنون ولم يُمحَ من الذاكرة.. كنت أظن أن الوقت سينسي ألم الفراق الذي استحكم في جسد كل واحد منا حين حلت اللعنة عند الواحدة الا خمس دقائق من يوم الرابع عشر من شباط عام 2005.
.. نعم الألم استحكم بالجميع وان تنكر البعض له وان لم يشعر.
.. نعم لقد تغيّر كل شيء في الداخل والخارج، لم يعد للمواطن الجبل الذي يستند اليه عند الملمات، لقد لاحقوا هذا الجبل حتى بعد استشهاده وحاولوا فعل كل شيء للقضاء على ورثته وإرثه.
.. لقد ظنوا أنهم سينامون على حرير بعد أن زرعوا الخنجر المسموم في ظهر من كان ظهرا للبلاد والعباد.
.. لقد خاب ظنهم وتراهم يلاحقون أينما ذهبوا وحيثما حلوا، يتلقون الصفعة تلو الأخرى وان عمدوا الى أسلوب الهررة التي تستعمل مخالبها لتجرح عند خنقها.
.. لقد ارتكبوا إثماً يصعب الصفح عنه، فهم كمن يكره نفسه ويريد أن ينتقم لحقده فيطلق النار على رأسه.
.. نعم بالفعل لقد انتحروا مع وقف التنفيذ لسنوات..
لم يدركوا أن في كل حبة من أرضنا رفيق الحريري وفي كل واحد منا ثمرة مهداة من رفيق الحريري.
هذا الشهيد الذي بنى كل شيء ليحيا الانسان وشرّع كل مقاومة في وجه الاحتلال بعد أن شرع بابتكار كتاب يحمي كل الناس ويحقق آمال كل الناس.
هذا الشهيد الذي أعاد بدمائه الزكية، من كان في المنفى وأخرج من السجون من له مريدون شعروا يوما بظلم الوصاية التي حاربها واستشهد بسهامها.
من هنا يبرز المعنى الحقيقي لعبارة «أن الجميع قد خسر»..
أما اليوم وبعد أحد عشر عاما، ماذا سيقول لك المواطنون الفقراء والأغنياء؟
هل سيقولون انهم بأمس الحاجة اليك بكل ما تحمله من معاني مادية ومعنوية؟
.. كل عام يمر يشعر معه الكثيرون أن الجرح زاد عمقا ولم يطب، فهنا القاعدة مختلفة.
.. هذا العام وصل اليأس ببعضنا الى حد القول: «رحم الله أمرىء كان أكبر بكثير من بلده».