IMLebanon

فرز مذهبي في الرمادي؟

بعدما سقطت الموصل في ٩ حزيران من العام الماضي في يد “داعش” قيل ان الجيش العراقي الذي كان يفترض ان يواجه الإرهابيين هناك فرّ من مراكزه، ثم قيل انه كان عبارة عن أشباح صنعها نوري المالكي، ثم تبيّن ان هذا الجيش الذي كلّفت عملية إعادة بنائه أكثر من ١٢٠ مليار دولار كان في معظمه جيشاً وهمياً على الورق، ذهبت كل الأموال التي صرفت عليه الى جيوب الفساد!

أمس بعد سنة تقريباً سقطت الرمادي مركز محافظة الأنبار في أيدي الإرهابيين وقيل إن وحدات الجيش فرت أيضاً من مواقعها، على رغم ان حيدر العبادي كان يعِد قبل يومين انها ستهزم “داعش”، فهل يعني هذا ان الحكومة العراقية الجديدة صنعت أيضاً جيشاً من الأشباح، أم أنها تسير وفق الخطة العميقة لتقسيم العراق وقد بات الحديث عنها علنياً؟

ليس سراً ان الأنبار دأبت على مطالبة الحكومة المركزية منذ سنة ونيف بالسلاح والدعم دون جدوى، وليس سراً ان خطة دعم المحافظات وتسليحها لم تنفّذ، وعلى رغم تقدم “داعش” في ضواحي الرمادي بقيت بغداد تصمّ آذانها عن طلب المساعدة، ومع تقدّم “الدواعش” في غرب المدينة طالب نواب الأنبار وشيوخ عشائرها بمساندة من”الحشد الشعبي” الشيعي على رغم انهم يشكون من تصرفاته المذهبية وقالوا إنهم مستعدون للقتال معه لوقف “داعش”، لكن ذلك لم يؤد الى أي نتيجة!

غريب أن العبادي لم يتمكن من تشكيل ولو نواة الجيش العراقي منذ ستة أشهر، وانه لم يسلّح عشائر الأنبار على رغم مطالباتها بالدعم لمواجهة الإرهابيين وعلى رغم ان “الصحوات” التي شكّلت منها كانت قد هزمت “القاعدة” عام ٢٠٠٧، لكن نوري المالكي حلّها واضطهد رجالها أيضاً، والغريب انه الآن وبعد سقوط الرمادي يقرر العبادي إرسال وحدات “الحشد الشعبي” لتحريرها.

غريب أكثر من كل هذا ان النازحين من الرمادي الى بلدة عامرية الفلوجة، لم يُسمح لهم بعبور جسر على نهر الفرات لدخول بغداد، وسبق للحكومة مع بدء الهجوم على المدينة الشهر الماضي، ان منعت ١٢٠ الفاً من النازحين من دخول العاصمة، وهو ما يفسّره الكثيرون على أسس مذهبية لكأن هناك حسابات ضمنية تتصل بتطهير المناطق على أساس مذهبي بما يشكّل تقدماً على طريق التقسيم!

إن انسحاب الجيش من الرمادي وقت واصل رجال العشائر السنيّة القتال شبه اليائس لحاجتهم الى السلاح والدعم الذي لم يصل منذ سنة، يمثل عملياً ما هو أخطر من سقوط الرمادي، لأنه الخطوة الثانية في مؤامرة إسقاط العراق وتقسيمه على الارض، بعدما اكتمل تقسيمه في النفوس على أيدي الأميركيين ثم المالكي، رجل ايران الذي يواصل مهمته التقسيمية من خارج السلطة!