Site icon IMLebanon

فرز «البرتقالي» الى تيارين: الأول صانعو مجد الجنرال والثاني المنتفعون من باسيل

يسجل للعماد ميشال عون انه على الرغم من بلوغه سن الشيخوخة بعدما تخطى الثمانين من العمر نجاحه في انشاء واطلاق تيار سياسي فتي بناه بالدماء والدموع وقساوة المنفى، الا ان تسليمه قيادة «التيار الوطني الحر» منذ عام تقريبا لصهره وزير الخارجية جبران باسيل سرّع في شيخوخة التيار البرتقالي الآخذ في الضمور لاسباب عديدة يأتي في طليعتها اختلاف اساليب مقاربة الملفات بين السلف والخلف اضافة الى انهما من قماشتين مختلفتين في كل الشؤون الشخصية منها والسياسية ايضا، وكأنهما من كوكبين بعيدين وفق اوساط «الحكماء» في التيار الذين آثروا الخروج منه على قاعدة «ما هكذا تورد الابل» حاملين معهم مرارة الممارسات المغلوطة داخل التيار وعلاقة القيادة بالقاعدة.

وتضيف الاوساط نفسها ان «التيار الوطني الحر» الذي بني على «كاريزما» الجنرال وصلابته اصاب منه الاستحقاق البلدي مقتلا، حيث بدا واضحا للعيان الانقسام الحاد بين مكونين داخله الاول يتمثل بصانعي مجد عون ابان المعارك من سوق الغرب وصولا الى ضهر الوحش يوم زحفت قوات الوصاية السورية نحو «قصر الشعب» وفق تسمية العماد له يوم كان يرأس الحكومة الانتقالية، والثاني يتجسد بالوافدين اليه من حديثي العهد في السياسة، والفارق بين الطرفين ان المكون الاول الذي يشكل المتقاعدون العسكريون عموده الفقري اعطى للتيار كل ما يملك في الخنادق والمعارك وبقي على ولائه للجنرال ايام المنافي ولم ينحن امام سياط اجهزة الوصاية وجبروتها، اما الوافدون الجدد فقد انضووا تحت عباءة التيار لاستقاء «المادية» منه سواء على صعيد العمل السياسي ام على صعيد ما يؤمنه لهم من خدمات ووظائف فاذا بالتيار تياران واحد لا يزال على اخلاصه لعون كشخص، واخر يحاول المزايدة عليه من خلال اظهار ولائه المطلق للوريث الذي تؤكد كل الوقائع انه لم يتلق ولو «دفشة» يوم كان العونيون يسحلون في تظاهرة 7 آب 2001 وربما شارك عن بعد وعبر التفرّج على الشاشات، ما يشير الى ان توريث الجنرال لباسيل رئاسة التيار يشكل بداية العد العكسي لاندثاره والايام القادمة ستثبت ذلك.

وتشير الاوساط نفسها الى ان باسيل يتعامل بمنهجية مع الحرس القديم، في وقت يعتبر فيه القليل من التواضع رأس الحكمة، وقد لا يلام المرء على طباعه، الا انه من المفيد ان يقوم بنقد ذاتي كما يفعل البسطاء والحكماء معاً لاصلاح اي خلل، لان الفارق كبير بين الكبرياء والتكبر، ولا ينسى البعض ان عنجهية باسيل لم تعد عليه بفائدة بل راكم عبرها خصومات هو في غنى عنها سواء خارج التيار ام داخله، فعلى صعيد الخارج لم ينسَ احد خلافه مع الرئىس السابق ميشال سليمان ايام حكومة الرئىس نجيب ميقاتي عندما استفاض بالنصائح ما دفع سليمان الى وضع حدّ له كونه في «جلسة وزارية وليس في اجتماع حزبي»، وتكرر الامر مع الرئىس تمام سلام والمشادة المشهودة بينهما لا تزال في الذاكرة، اما اهتزاز العلاقة التي وصلت الى حد القطيعة بين الجنرال والنائب سليمان فرنجية فيعود بداية الى تصرّف باسيل لدى استقباله فرنجية بعد عودته من باريس مرشحاً للرئاسة من قبل الرئيس سعد الحريري وزاد الطين بلة، كلامه اثناء الانتخابات البلدية في البترون حول «وجود المردة» والرد السريع لفرنجية عليه بالقول «انه لا يشعر بعمه الجنرال فلا ضير انه لم يشعر بالمردة».

وتقول الوساط اما على الصعيد الداخلي، فان التهميش ينسحب على العونيين في ظل القيادة الجديدة الى حدّ التصنيف بين من ولاؤه للجنرال وولاؤه للوريث والذي وصل الى توصيف «عوني وباسيلي» في اشارة الى عمق الاهتزاز على الرقعة البرتقالية والذي سيترجم استقالات اثر الاستحقاق البلدي ولا سيما ان المرشحين البرتقاليين تنافسوا مع بعضهم في لوائح مختلفة في معظم المناطق بعيداً عن تعليمات القيادة والدليل على ذلك ظاهرة النائب نبيل نقولا في جل الديب وزياد عبس في الدائرة الاولى في بيروت.