IMLebanon

عبود ينتظر تقاعد عويدات لإحياء مسار البيطار

     

 

يخطّط رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لإعادة تعبيد الطريق أمام القاضي طارق البيطار للنفاذ مجدّداً إلى ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت. التوقيت ليس صدفةً، إذ ينتظر عبود خروج مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات من العدلية بعد إحالته إلى التقاعد في 22 شباط المقبل. وفي حساباته، أن مرحلة ما بعد عويدات ستكون فرصة لإنهاء كل الدعاوى المُقامة ضد البيطار، وعددها نحو 22، وفي مقدّمتها دعوى عويدات على البيطار، كمدخلٍ لاستئناف التحقيق بإشرافه.وينقل زوار رئيس مجلس القضاء أنه واثق بأنّ «البيطار سيعود ليمارس مهامه كمحققٍ عدلي في قضية انفجار المرفأ». وبالتزامن يتقصّد محامون من مكتب الادّعاء في قضية المرفأ، ممن يدورون في فلك عبود، إشاعة أنباء عن قرب انتهاء البيطار من إعداد قراره الظني!

بحسب زوار عبود، فإن خطته تقوم على إسقاط الدعوى المُقامة من عويدات ضد البيطار، والمبنية على المواد 306، 375، 376 و377، من قانون العقوبات، التي تلحظ جرم اغتصاب السلطة وإساءة استعمال النفوذ المُستمدّ من الوظيفة، والإقدام على فعل منافٍ لواجبات المهنة بهدف جلب المنفعة لغيره. ارتكاز الدعوى على تلك المواد، مُنطلقه أنّ البيطار يده مكفوفة عن ملف المرفأ، نتيجة دعاوى الرد والارتياب المشروع المُقامة ضدّه من عدد من المُتهمين. إلا أنّه اجتهد شخصياً لنفسه، واستأنف تحقيقاته، بعد أكثر من عامٍ من تعليق عمله نتيجة طلبات الرد. واستهلّ عودته بالادّعاء على عويدات وآخرين، فأتت دعوى عويدات من باب الرد، مستغلاً مسألة كفّ اليد.

وفي خضمّ حفلة الجنون، وسماح كل قاضٍ لنفسه بالتصرّف لما فيه مصلحته، كلّف مجلس القضاء الأعلى القاضي حبيب رزق الله بالنظر في الدعوى المقدّمة من عويدات ضد البيطار. وبعد سبعة أشهر، راسل رزق الله عويدات، في 12 كانون الثاني الجاري، يطلب منه توضيح الادّعاء، أي تصحيح بعض المواد القانونية التي استند إليها عويدات. وفُسّر طلب رزق الله على أنه يعكس خلفية موقفه، لجهة عدم اعتباره البيطار مُغتصِباً لأي سلطة. واستأنف عويدات كتاب رزق الله فتحوّل الملف تلقائياً إلى هيئة اتهامية خاصّة للنظر فيه تتألف من رئيس ومستشاريْن اثنين. لكنّها هيئة غير مشكّلة، وتأليفها يلزمه تصويت بالأغلبية من قبل مجلس القضاء الأعلى.

خطة التخلّص من الدعوى تتطلب اجتهادات قانونية، بينها واحد يسمح لرزق الله بحسم القضية من دون الرجوع إلى الهيئة الاتهامية، وآخر يتطلب تشكيل هيئة اتهامية، إنما من أشخاص يوافقون رأي القاضي عبود. وتروّج جهات قضائية لاجتهاد يُعطي الحق لرزق الله بـ«الاستمرار في النظر في الدعوى، طالما أنّ عويدات استأنف كتاباً وليس قراراً. وبالتالي، يُمكن لرزق الله منع المحاكمة عن البيطار، في حال لم يجد في الادّعاء المقدّم من عويدات ما يُظهر جرم البيطار، أو يتثبّت من اغتصابه للسلطة، وذلك بالطريقة التي يستنسبها رزق الله، مع أو بدون الحاجة إلى جلسة استجواب للبيطار. ومن ثم يحوّل قراره إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي فيه».

يريد عبود بعد تقاعد عويدات تكليف رؤساء للغرف الشاغرة مقرّبين منه بالنظر في دعاوى ردّ البيطار

 

ورهان أصحاب وجهة النظر هذه، على أن القاضي الذي سيخلف عويدات يكون قد تسلّم الدفّة على رأس السلطة التمييزية، وسط تداول بأن رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار هو من سيتولى المنصب، ربطاً بتسويات سياسية لا علاقة له بها شخصياً، وإنما بالهوية الطائفية لمن يتولى المنصب، لأن القانون يسمح اليوم لثلاثة قضاة (شيعيان ومسيحي) بخلافة عويدات. ومع ذلك فإن عبود يعتقد أن من سيخلف عويدات لن يتصرّف مثله.

كذلك، يبدو أن عبود يتصرف على أنّ تقاعد عويدات يتيح له فرصة إعادة طرح ملء الشغور في بعض المراكز القضائية، وضمناً محاولة تشكيل الهيئة الاتهامية. وبصفته رئيس محكمة التمييز، يدرس فكرة تكليف رؤساء للغرف الشاغرة (يُرجح أن يقترح من يراهم الأقرب إليه)، تمهيداً للطلب منهم النظر في دعاوى رد البيطار، كي يضمن صدور أحكامٍ لصالح المحقّق العدلي، لجهة إبطال كفّ يده.

وإذا نجح عبود في الخطوة المتعلقة بشواغر محكمة التمييز، سيتبعها بضغطٍ على أعضاء محكمة التمييز لانتخاب اثنين من بينهم لعضوية مجلس القضاء الأعلى، كبدائل عن عضوين مرّت سنوات ثلاث على تقاعدهما. وهو هنا، أيضاً، يأمل أن تكون صورة مجلس القضاء مجتمعاً أقرب إلى طريقة تفكيره، من خلال زيادة عدد الأعضاء القريبين من موقفه، من قاضٍ واحد، هو حالياً عفيف الحكيم، إلى ثلاثة قضاة يُشكل وإياهم نصف أعضاء المجلس – أربعة أصوات – مقابل أصوات أربعة قضاةٍ يتبنّون نسبياً موقفاً شبه موحّد، حيال قضية المرفأ هم: ميراي حداد، حبيب مزهر، الياس ريشا وداني شبلي، سيّما أنّ القاضي الذي سيُنتدب لخلافة عويدات، يُحظر عليه قانوناً حضور جلسات المجلس الأعلى للقضاة والمشاركة في التصويت، كونه ليس قاضياً أصيلاً.