تركّز «القوات اللبنانية» على دائرة الشمال المسيحي، خصوصاً في ظل وجود انطباع وكأن معركة «القوات» تنحصر في معركة الشمال المسيحي، وهذا الإعتقاد خاطئ، بحسب مصادرها، لأن «القوات» تخوض الإنتخابات النيابية على مساحة أل 10452 كلم2، وتولي الإهتمام والأولوية لكل الدوائر، ويكفي معرفة كيف تعمل «القوات» على ترشيحات متتالية في كل الدوائر، لمعرفة اهتمامها على مستوى كل لبنان.
ومما لا شك فيه، بحسب مصدر قيادي قواتي، أن لكل دائرة اهتمامات انطلاقاً من توازناتها والقوى السياسية الموجودة فيها، وعلى هذا الأساس، فإن دائرة الشمال لها خصوصية وأولوية، إذ أن «التسونامي» العوني قد توقّف عند حدود جسر المدفون في العام 2005، نظراً للرمزية القواتية لهذه المنطقة، على غرار الرمزية الموجودة في زحلة وفي الأشرفية ودوائر أخرى، وستظهر بشكل جلي مع القانون الإنتخابي الجديد في جبل لبنان.
على هذه القاعدة، تابع المصدر نفسه، هناك عمل مكثّف يتم في هذه الدائرة، حيث يجري العمل بشكل ميداني من خلال إحصاءات وتعبئة ميدانية من قبل الماكينات الإنتخابية في الأقضية الأربعة ضمن دائرة الشمال المسيحي. وحتى اللحظة، فإن الأمور أصبحت محسومة، ففي بشرّي النائب ستريدا جعجع وجوزف إسحاق، وفي الكورة النائب فادي كرم، وفي البترون الدكتور فادي سعد. أما الأمر غير المحسوم، فهو الذي يتصل بالتحالفات الإنتخابية على مستوى كل لبنان، وليس فقط في هذه الدائرة، لأنه من المبكر الكلام عن التحالفات في هذه المرحلة.
أما الأمر الآخر، أضاف المصدر القواتي، فهو يتصل بدائرة زغرتا التي لها خصوصيتها، في ظل وجود قاعدة قواتية تملك زخماً نضالياً، وقد تعمّدت منسقية «القوات» هذا العام، وللمرة الأولى، أن تنظّم عشاءها السنوي في إهدن، في رسالة واضحة بأنها تريد التعبير عن وجودها السياسي. ويتزامن هذا الواقع مع التبريد السياسي الذي دخلت فيه العلاقة بين «القوات» و«المردة»، بعدما نجح الطرفان في طي صفحة الخلاف الماضية وتنظيم الخلاف في العناوين الخلافية.
وأشار إلى أنه في هذه اللحظة، تقف «القوات» أمام عدة احتمالات لجهة الترشيح في زغرتا، مع ما يعنيه ذلك من ترجمة للتفاهم السياسي مع «المردة»، لأن ترشيح قواتي يدل على التعدّية والتنوّع والتنافس بشكل ديموقراطي. ولفت إلى احتمال العمل لطي الحساسيات الماضية من خلال عملية الترشيح، ولكن يبقى احتمال أن يؤدي هذا الترشيح إلى إضعاف إمكانية وصول المرشّح ميشال معوّض، وهو حليف استراتيجي للقوات، خصوصاً وأن إمكانية الخرق في زغرتا محصورة بمرشح واحد.
وانطلاقاً من هذه الآراء، كشف المصدر أن «القوات» ما زالت في مرحلة النقاش، وأن الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات، وأن العمل ينكبّ الآن على بذل الجهود للحفاظ على مواقع «القوات» المتقدمة في الشمال، والسعي إلى مقعد خامس. وأضاف أن طموح «القوات» كبير، وهي تخوض للمرة الأولى المعركة الإنتخابية في دائرة زغرتا، ولكن على قاعدة التفاهم مع «المردة» وهو ما كان متعذّراً في المراحل السابقة، مع العلم أن هذا الأمر لا ينفي الإختلاف في الخطاب السياسي بين الطرفين، لا سيما وأن المرحلة الحالية قد تؤدي إلى استحضار عناوين انتخابات العام 2009، في ضوء المعطيات المستجدة داخليا وخارجيا وصولا الى محاولات حزب الله كسر الستاتيكو القائم من اجل التنسيق مع سوريا.
وبنتيجة هذا الواقع، فإن «القوات» كما أشار المصدر نفسه، تدرس كل الإحتمالات إنطلاقاً من مناخ التهدئة مع النائب سليمان فرنجية من جهة، وعلاقاتها مع باقي الأطراف السياسية من جهة أخرى. وكشف أنه بعد عودة الدكتور سمير جعجع إلى لبنان، سيتم الإعلان عن مرشّح قواتي جديد في منطقة جبل لبنان الجنوبي، ثم يليه الإعلان عن مرشحين جديدين في فترة لاحقة.