يجمع المراقبون على ان ايقاع الازمات الداخلية مضبوط وفق ما يتبين على ايقاع التطورات الاقليمية التي طالما تحكمت بمسار العلاقات بين الاطراف اللبنانية، الموزعون على المحاور الاقليمية،خصوصا في زمن خلط اوراق التسويات الاقليمية ،التي اعادت لبنان الى عين العاصفة من اكثر من باب، من الحدود الجنوبية مرورا بسوريا وصولا الى كردستان، رغم الاختراق المحققة على جبهة الحرب ضد الارهاب.
ولعل من ابرز الملفات العالقة على هذا الصعيد ،ما يعتبره فريق من اللبنانيين بانه محاولة لاعادة العلاقات مع سوريا وفرض امر واقع مع تغير موازين القوى ورجحان كفة فريق على آخر ، وفقا لحسابات اقليمية، وهو ما بينته، اقله في الشكل ،الزيارات الى السعودية ، الهادفة بحسب مصادر الذين تمّ استدعاؤهم الى المملكة الى وضع خطة بالتعاون مع الحلفاء لمواجهة محاولات تثبيت موقع لبنان كجزء من محور الممانعة، استكمالا للمشاورات التي كان بدأها في بيروت الوزير السبهان، بعد اتصالات دولية اجرتها المملكة العربية السعودية، افضت الى ما قاله وزير خارجيتها من على منبر الامم المتحدة.
قراءة دولية دفعت بطهران وفقا لاوساط دبلوماسية غربية الى مراجعة سياستها، في ظل الاندفاعة القوية، المفاجئة والايجابية التي في حال استمرارها ستشكل تحولا جذريا في ملف الصراع العربي-الاسرائيلي، وانعكاس ذلك على الساحة الداخلية، لجهة اسقاط «الشرعية» التي اعطاها رئيس الجمهورية في سلسلة المواقف التي ادلى بها من نيويورك الى فرنسا، ما يدفعها الى لعب كل اوراقها لحماية مكتسباتها في المنطقة ، بعدما تبين ان الأزمة السورية ستشكل بداية لهندسة جديدة في المنطقة عنوانها تقليص النفوذ الإيراني.
في هذا الاطار، تدرج الاوساط زيارة العاهل السعودي الملك سلمان الى موسكو،والتي بغض النظر عن نتائجها على صعيد ازمات المنطقة، يمكن تصنيفها بالمهمة لتمحورها حول الدور الروسي في مجال التوسط بين المملكة وإيران لتخفيف التوتر بينهما، ما قد ينسحب على مجمل الازمات ،انطلاقا من كون موسكو باتت لاعبا اساسيا على ساحة هذه الرقعة الجغرافية من العالم، ومن بينها لبنان، الذي سيستفيد بشكل غير مسبوق نظرا لارتباط ازماته السياسية بالصراع السعودي- الايراني المتحكم بشكل مفصلي بأوضاعه واستقراره في كافة المجالات، ما قد يساهم في وضع حد للكباش المستجد والمحتدم على خلفية اعادة العلاقات مع سوريا، الذي قاد عددا من السياسيين اللبنانيين الى الرياض للتشاور في ما آلت اليه الامور لبنانيا في ضوء التصعيد الذي بات يهدد مصير «ربط النزاع» القائم بين ما تبقى من الثامن والرابع عشر من آذار،عشية تعيين المملكة سفيرا جديدا لها في رسالة واضحة لتفعيل دورها على الساحة اللبنانية.
من هنا تقصدت القيادة السعودية، بحسب مقربين من سفارة المملكة في بيروت، بعث رسالة محددة الى المعنيين مفادها ان لبنان ليس متروكا وانه يحظى برعايتها، وكل محاولة لاعادة عقارب الساعة الى الوراء لن تنجح، من جهة، وتأكيدها من جهة ثانية على حسم خياراتها اللبنانية بأن لبنان لن يكون جزءا من محور الممانعة، بعد ما رافق زيارة الوزير سبهان الى بيروت من اخذ ورد وحديث عن تضعضع السياسة السعودية.
وفيما اكد الرئيس الفرنسي لنظيره اللبناني عن مساع فرنسية «جدية» لاعادة احياء صفقة تسليح الجيش الممولة من الرياض، عشية المؤتمرالمزمع عقده في روما لمساعدة لبنان عسكريا تحت عنوان روما -2 بهدف تقديم المساعدات للجيش والاجهزة الامنية، حيث يدور همس في الكواليس عن محاولة جس نبض روسية لامكانية تمويل المملكة لمساعدات عسكرية روسية كان سبق للبنان ان ابدى اهتماما بالحصول عليها في حال توافر الاموال اللازمة. علما ان وفدا عسكريا روسيا رفيعا يتواجد في بيروت ، بناء للاتفاق الذي حصل اثناء زيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف الى موسكو، لبحث برنامج التعاون العسكري بين البلدين لعام 2018 والذي يرتكز بجزئه الاساسي على دورات تدريب لضباط لبنانيين في موسكو، وبعض المساعدات التقنية.