IMLebanon

مصادر متابعة لا تعزل ما يحدث في الداخل اللبناني عن التحوّلات الحاصلة

جلسة مفصلية لمجلس الوزراء اليوم في ظل تحوّلات كبيرة تشهدها المنطقة

مصادر متابعة لا تعزل ما يحدث في الداخل اللبناني عن التحوّلات الحاصلة

«بات على جميع اللبنانيين أن يتحسسوا خطورة الحالة التي تستدعي خطة طوارئ للمعالجة من أهم بنودها إنتخاب رئيس الجمهورية»

ينعقد مجلس الوزراء اليوم، بكامل أعضائه في جلسة وصفت بالمفصلية في ضوء المستجدات الميدانية الأخيرة والمستمرة فصولها، فإما أنها ستصوّب المسار وتُعيد الدوران إلى عجلة العمل الحكومي ولو بالحدّ الأدنى تحت وطأة الضرورات تُبيح المحظورات، أو أنه لا خيار آخر سوى الانفجار وانفراط العقد الحكومي، غير أن مثل هذا الإحتمال لم يحن، وفق قراءات مصادر نيابية من فريقي 8 و14 آذار، وقته بعد طالما أن استمرار الحكومة ما زال ضمن الخطوط الحمر المرسومة دولياً وقد عبّرت عنها الاتصالات التي تلقاها الرئيس تمام سلام من أكثر من مصدر دولي تدعوه إلى عدم التخلي عن مسؤولياته في هذه المرحلة الحافلة بالتطورات على أكثر من صعيد وترك البلد للمجهول الأسود في ظل عدم وجود رئيس جمهورية، وقللت هذه الاتصالات من خطر الاضطرابات التي تشهدها الساحة الداخلية على الاستقرار الأمني الذي لا يزال ينعم به لبنان ولو في حدوده الدنيا عكس معظم الدول العربية التي تستشري فيها الفوضى الأمنية، معتبرة أن التعبير عن الحقوق والمطالب الشعبية لا يفترض له أن يستجلب الفوضي والاعتداء على الأمن العام بل يمكن أن يتم بهدوء ومن دون المسّ بالأمن كما يفعله عدد من المتظاهرين المندسين وفق ما توصلت إليه التحقيقات التي أجرتها جهات قضائية وأمنية.

وتُشير المصادر ذاتها إلى أن هذا الاهتمام الدولي الذي عاد من بوابتي الاشتباك المتقصد من التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله مع رئيس الحكومة تحت عنوانيّ المشاركة وتعدي سلام على صلاحيات رئيس الجمهورية كما أعلن وزير التيار جبران باسيل بعد الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء أول من أمس لمعالجة أزمة النفايات، يبدو أنه وصل إلى نقطة اللاعودة وبات يتعيّن على جميع الفرقاء اللبنانيين أن يتحسّسوا خطورة الحالة التي تستدعي خطة طوارئ للمعالجة من أهم بنودها إنتخاب رئيس الجمهورية لكن احتمال الاتفاق على مثل هذه الخطة ما زال يصطدم بإصرار حزب الله على إيصال العماد ميشال عون إلى القصر الجمهوري في بعبدا ورفضه البحث عن أي بديل يمكن التوافق عليه من كل المكوّنات اللبنانية وذلك حسبما أبلغ ممثلوه إلى ممثّلي تيّار المستقبل في لقائهما الأخير الذي انعقد في سياق الحوار المستمر منذ بضعة أشهر بين الفريقين.

ويؤشّر هذا الموقف لحزب الله من الإصرار على الاستمرار في ترشيح العماد عون، وفي تأييد كل خطواته التصعيدية في وجه رئيس الحكومة إلى أن الحزب لم يكن بعيداً عن العناصر التي اندست بين المتظاهرين يوم 23 آب، وعملت على الاصطدام بقوى الأمن الداخلي المكلفة بالحفاظ على الانضباط الداخلي وعلى الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، كذلك لم يكن بريئاً من إتهامه بأنه يضغط عبر الشارع لإجبار الآخرين ولا سيما 14 آذار على التسليم بانتخاب رئيس التيار الوطني الحر رئيساً للجمهورية أو جرّ البلاد إلى الفوضى العارمة بعد إفراغ المؤسسات للوصول إلى المؤتمر التأسيسي وتغيير الطائف كما كان وعد السيّد حسن نصر الله مناصريه والطائفة الشيعية التي يقول عنها بأن الطائف لم ينصفها وأنه لا بدّ من إنصافها.

لكن مصادر سياسية مراقبة لمآل الأوضاع الداخلية واستخدام ورقة الشارع التي كانت محظورة حتى زيارة وزير خارجية إيران محمّد جواد ظريف إلى لبنان إلى عوامل إقليمية عدّة مرتبطة بالتجاذبات حول مرحلة ما بعد الاتفاق النووي المتصلة بجزء منها بمدّ وجزر العلاقات بين إيران ودول الخليج ومحاولة طهران استدراج الولايات المتحدة للدخول في مفاوضات مباشرة لتكريس دورها كلاعب أساسي وصاحب نفوذ في المنطقة، ويتعلق الجزء الثاني بالتحوّلات المضادة لاستمرار هذا النفوذ بدءاً من اليمن التي تشهد نهاية النفوذ الإيراني، وعودة هذا البلد إلى الحاضنة العربية والسعودية تحديداً مروراً بالعراق الذي يشهد انتفاضة المكوّن الشيعي انتفاضة جماعية ضد التدخل الإيراني في شؤون العراق الداخلية مع تأييد كامل من المرجعيات السياسية والروحية التي تحالفت مع إيران مثل مقتدى الصدر والمرجع الشيعي السيّد علي السيستاني وتأييد هذين المرجعين مواقف ومشروع رئيس الحكومة حيدر العبادي الاصلاحي الذي لا يماشي سياسة إيران وهو ما انعكس توتراً في العلاقات بين العبادي وقائد فيلق القدس قاسم سليماني وارتفاع أصوات وشعارات مناهضة لها في النجف وبغداد «إيران برّا برّا والعراق حرّة» وانتهاءً بسوريا حيث لم يعد النظام يسيطر سوى على عشرين في المئة من الأرض وحيث أن رئيس هذا النظام الذي استضافته محطة المنار قبل يومين عبّر في أكثر من مكان عن الشعور العميق بالقلق على المصير، وإن حاول إخفاء ذلك تحت مسميات وشعارات مختلفة.

وتخلص المصادر ذاتها إلى أن هذه التطورات التي تصبّ كلها ضد مصلحة إيران وطموحاتها، قد تكون لها علاقة مباشرة بالتطورات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة اللبنانية للدفع باتجاه الفوضى وإمساك إيران بالورقة اللبنانية من خلال صنيعتها حزب الله في المفاوضات الجارية بينها وبين الولايات المتحدة كعنصر قوة.