لا تزال مواقف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر في بيروت تسيطر على الساحة السياسية اللبنانية، خصوصا لما تضمنته من رسائل تهديد غير مباشرة لحلفاء حزب الله، من المسلمين، وهذا ما جرت العادة عليه، ومن المسيحيين وهذا ما يحصل بوضوح لأول مرة، عبر قول المسؤول الاميركي بأن أميركا تستعد لفرض عقوبات على من يساند حزب الله بغض النظر عن ديانته.
في شهر نيسان الماضي تحدثت وسائل اعلامية أجنبية عن توجه لفرض عقوبات مالية واقتصادية على حركة امل ورئيسها نبيه بري، وفي شهر آب الماضي برزت معلومات بالأسماء عن الشخصيات المسيحية التي وُضعت على لائحة العقوبات الأميركية تمهيدا لإعلانها، ولكن اللائحة التي لم تُعلن بعد لم يتم التطرق اليها من قبل المسؤولين الأميركيين، ولو أن رئيس الحكومة سعد الحريري حاول نفيها من واشنطن، اما اليوم ومع زيارة شينكر عادت نغمة العقوبات على حلفاء حزب الله، وذلك بحسب مصادر سياسية رفيعة، بعد أن اقتنعت واشنطن بأن العقوبات على الحزب لم تؤد الى النتيجة التي كانت تتوقعها، علما أن الإدارة الأميركية باتت أمام تجارب واضحة لفشل سياسة العقوبات، سواء في كوبا أو إيران، أو لبنان.
تشير المصادر الى أن شينكر أكد في لقاءاته، مع غير الرؤساء اللبنانيين، أن الخطوات الاميركية اللاحقة لن تكتفي بتصعيد حدّة العقوبات على عناصر وقيادات حزب الله، بل ستنتقل الى مرحلة جديدة من العقوبات التي ستُفرض على شخصيات حليفة لحزب الله، مسلمة ومسيحية، فانتشرت أسماء عن وزراء ورجال أعمال، كاشفة أن أيّ من الأسماء التي حُكي عنها غير صحيح لأن الإدارة الاميركية لم تتخذ قرارا حاسما بعد بالنسبة لهوية «المُعاقبين»، إنما تعمد من خلال وسائل إعلامية مقربة منها على بث الخوف في نفوس البعض بغية الوصول الى النتائج المطلوبة من العقوبات، قبل فرضها.
وتكشف المصادر أن التلويح الاميركي بالعقوبات على وزراء ونواب لا ينتمون الى حزب الله، ترافق مع «ضربة» قاضية وُجّهت الى مصرف الجمّال، حيث بات المصرف في عداد المؤسسات «السابقة»، مشيرة الى أن أميركا تعتبر «إسقاط» الجمّال، رسالة قوية جدا للأحزاب الحليفة لحزب الله، لا لقطاع المصارف الذي يكاد يكون 90 بالمئة منه ملكيّا أكثر من الملك بما يتعلق بالقوانين المالية الاميركية.
كذلك تؤكد المصادر أن الحديث عن 5 مصارف جديدة سيتم فرض عقوبات عليها ليس دقيقا، مشددة على أن لا يوجد نفي رسمي لهذه المعلومات حتى اللحظة إنما عدد المصارف التي يُقال انها ستُعاقب غير دقيق، كاشفة أن دوائر القرار المالي في لبنان سمعت همسا عن عقوبات مفترضة على مصرفين اثنين، ليسا ضمن قائمة المصارف اللبنانية الكبرى.
وتخلص المصادر للقول بأن التهديد الاميركي بالعقوبات لم يكن يوما مزحة، ولكن ليس كل ما يُنشر حوله يجب تصديقه، وبالتالي على المسؤولين اللبنانيين أن يفكروا جديا في كيفية مواجهة هذه العقوبات، سواء بقيت بحدود حزب الله، ام تعدّتها الى آخرين، لأنها ستكون قريبا حربا اقتصادية لا يملك لبنان مقومات الصمود فيها.
في سياق متصل تؤكد مصادر قيادية في التيار الوطني أن التيار لم يتبلغ رسميا أي عقوبات بحق أفراده، مشددة على أن العقوبات وإن حصلت لن تؤدي الى انهيار احد ماليا. وتضيف: «نحن لا نريد مواجهة الولايات المتحدة الأميركية ونحاول ونسعى دائما لاعتماد سياسة الانفتاح على الجميع، خصوصا بما يضمن مصلحة لبنان التي كانت المحرّك الاساسي لتحالفنا مع حزب الله والذي يمثل عددا كبيرا من اللبنانيين»، لافتة النظر الى أن موضوع العقوبات علينا هو حتى هذه اللحظة «دعاية أميركية»، ولكننا لا نستبعد أن يتحوّل الى حقيقة، وعندها لكل حادث حديث.