لا يزال ملف العمالة الفلسطينية عالقا بين الاجراءات الجديدة التي فرضتها وزارة العمل اللبنانية، والمطالبات الفلسطينية بإلغائها، وما بينهما من وعود سياسية بحل القضية بالحوار والتفاهم، ولكن ما حصل الثلاثاء في السراي الحكومي بعد غياب الوفد الفلسطيني عن الاجتماع الذي كان مقررا بينه وبين وزير العمل كميل ابو سليمان و رئيس لجنة «الحوار اللبناني-الفلسطيني» حسن منيمنة أعاد الأمور الى الخلف.
تُبدي مصادر وزارة العمل عبر «الديار» انزعاجها الكبير من الطريقة التي تصرّف بها الوفد الفلسطيني، فالغياب غير المبرر بالطريقة التي حصل بها يعدّ استخفافا بالدولة اللبنانية ووزاراتها، مشددة على أن الوزير سيتعاطى مع الغياب على هذا الأساس، ولن يتهاون مع واجب احترام المؤسسات الرسمية. وتضيف: «يعلم وزير العمل حساسية الوجود الفلسطيني لذلك فهو يقدم كل التسهيلات الممكنة لهم، وهذا ما أكده لرئيس المجلس النيابي نبيه بري المهتم بهذه القضية، ولكن على اساس ان القانون يُطبّق على الجميع ولو بنسب متفاوتة، اذ لا يمكن مقارنة اللبناني بالاجنبي».
وتكشف مصادر وزارة العمل أن الاجراءات الجديدة عادت بفوائد كبيرة على اللبنانيين، وهذا ما يشجع الوزير على الاستمرار بها، ويُخجل المعترضين عليها كون أحد لا يمكنه رفض اجراءات تخفف نسب البطالة. وتضيف: «خلال شهر واحد من تطبيق الخطة الجديدة توظّف 1430 لبنانيا، نصفهم في وظائف بشركات كبيرة، والنصف الآخر في اعمال كان أرباب العمل يقولون ان اللبناني لا يعمل بها، ولكن الحقيقة جاءت مغايرة، اذ رغم وجود بعض الوظائف التي لا تجد رغبة كبيرة لدى اللبنانيين لشغلها، انما اتضح ان عرض الراتب المناسب للبناني يجعله يتسّلم الاعمال التي يُقال انه لا يقبلها، خصوصا أن البلد يمر بفترة صعبة تجعل كل وظيفة مطلب العاطل من العمل».
واذ تشدد مصادر وزارة العمل على أن الوزير منفتح على الحوار، تؤكد انه لا يقبل فرض التفاهمات عليه، مشيرة الى أن الفلسطينيين يعلمون مدى انفتاح الوزير ورغبته بالحوار معهم لتقديم التسهيلات الممكنة لهم، ولكن لا يجب أن يظنّوا بأن رغبته هذه ناتجة من ضعف أو خوف.
بالمقابل فكّ الفلسطينيون اضرابهم الشامل بعد أن أبدى ساكنو المخيمات تعبهم من الاضراب والضرر الذي يسببه لهم اولا، واعلنوا أن الاضراب تحول لجزئي، وسيكون الجمعة وكل جمعة لحين الانتهاء من الأزمة. ولكن وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة لا تزال القوى الفلسطينية على الموقف الموحد نفسه الذي يطالب بالغاء تطبيق القرار حيالهم وصولا الى تجميده، وبشكل أدق «تجميد القرار، او إلغاؤه تماما أو استثناء العامل الفلسطيني من تنفيذه»، مشيرة الى أن التغيّب عن لقاء السراي لم يكن موجها ضد أحد بشكل شخصي، بل كان كموقف، خصوصا بعد أن اكد المعنيون باللقاء خلال اتصالات أجروها مع القوى الفلسطينية أن الاجتماع للتشاور لا لاتخاذ قرار.
ترى المصادر الفلسطينية ان استمرار اللقاءات بلا نتائج يضر القوى الفلسطينية والشعب الفلسطيني في لبنان، خصوصا بعد لمس هذا الضرر بعد اللقاء الذي جمع الاتحاد العام للعمال الفلسطينيين ممثلا بأبو يوسف العدوي بالمسؤولين اللبنانيين وانتهى «لاستقالة» العدوي بعد ضغوطات مورست عليه بسبب فشل اللقاء، مشددة على أن القوى الفلسطينية تلقّت الوعود بأن تحلّ الأزمة مع عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد.
ووفق معلومات خاصة للديار فإن الفلسطينيين الذين يحضرون لأنواع جديدة من التحركات، تؤكد موقفهم ولا تسبب الضرر لا لأبناء المخيمات ولا للبنانيين والقوى الأمنية، تلقّوا وعدا من جهة رسمية بأن يتم استثناؤهم من قرارات وزارة العمل في أول جلسة تعقدها الحكومة بعد انتهاء ازمة قبرشمون، لذلك فهم اليوم سينتظرون، والاهداف لا تتعلق فقط بحق العمل، بل ستصل الى حد المطالبة بحقوق إنسانية اخرى، كالتملّك مثلا.