هل يعود «حزب الله« من سوريا الى لبنان من بوابة الجنوب.. وهل ما شهدته منطقة العرقوب هو إعلان غير مباشر عن هذه العودة! أم إن استعادة الحزب لدوره «المقاوم« ضد الاحتلال الاسرائيلي هو لتوجيه رسالة الى الداخل والخارج بأنه موجود في الجنوب وبالتالي استشعاراً من الحزب لتطورات أمنية قد تهب على المنطقة من البوابة السورية او حتى الاسرائيلية..
ترى مصادر مطلعة في الجنوب ان التطور الأمني الجديد الذي شهدته منطقة العرقوب ملفت من حيث المكان والتوقيت.. فمن حيث الموقع، تعتبر هذه المصادر انه وقع في منطقة هي في الأساس منطقة مواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي منذ ما يزيد على النصف قرن، وبقيت في القسم المحتل منها منطقة نزاع إقليمي بين لبنان وسوريا والكيان الصهيوني «لكنها خلال الأعوام الأخيرة تحولت من جهتها الشرقية الى واجهة لبعض تداعيات الأزمة السورية على لبنان، لا سيما مشكلة النزوح.. ومؤخراً أضيفت الى هذه المشكلة هواجس أمنية من انعكاس ما يجري في الداخل السوري على تلك المنطقة بحكم قربها من الحدود، وصولاً الى تسليط بعض وسائل الاعلام (القريبة من «حزب الله«) الضوء على تلك المنطقة عبر الترويج لسيناريوات محتملة لدخول داعش والنصرة الى لبنان عبر شبعا وكفرشوبا!
أما من حيث التوقيت، فترى المصادر نفسها أن العملية التي تبناها «حزب الله« جاءت غداة إطلاق دورية اسرائيلية النار باتجاه نقطة مراقبة للجيش اللبناني في منطقة سدانة عند تخوم مزارع شبعا مما تسبب بجرح جندي لبناني«، وبالتالي أريد لها أن تأتي في سياق رد طبيعي من «حزب الله« (كمقاومة) على هذا الخرق الاسرائيلي، وربما ردًّا على مقتل أحد كوادره «علي حسن حيدر« الذي قضى خلال تفكيك جهاز التنصت الاسرائيلي في خراج بلدة عدلون قبل أكثر من شهر، خاصة وأن الحزب أطلق اسم حيدر على المجموعة التي نفذت عملية السدانة.
وتضيف المصادر، أنه في كلا الحالتين تتيح هذه العملية للحزب إعادة إثبات حضوره كمقاومة على الحدود وإحياء ما كان يسميه مسؤولو الحزب «توازن الرعب« مع العدو الصهيوني بعدما غابت عمليات الحزب العسكرية ضد الاحتلال عبر الحدود الجنوبية طيلة سنوات.
لكن توتر الوضع الأمني على الحدود الجنوبية من بوابة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا طرح بقوة تساؤلاً عما إذا كان ذلك مقدمة لعودة «حزب الله« الى لبنان والى دوره المقاوم ضد إسرائيل بقدر ما يمكن اعتبار ما جرى في بريتال مقدمة لخروجه من الرمال السورية المتحركة.
مراقبون لسير التطورات الأخيرة على الحدود الشرقية مع سوريا وآخرها مواجهات بريتال، ثم للتطور الأمني في العرقوب ومسارعة تبني الحزب للعملية ضد دورية اسرائيلية في السدانة، قرأوا في هذين التطورين ارتدادات (إيجابية) على «حزب الله« بدأ الحزب يعمل على توظيفها لإعادة إحياء صورته كحزب مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، مضافاً إليه أي خطر يتهدد لبنان من خارجه، وأنه بدا من خلال ما جرى في العرقوب يمهد للعودة الى لبنان من البوابة الجنوبية ومن معبر دوره كـ«مقاومة« وفي مكانها الطبيعي اي الجنوب، وذلك لتوجيه رسائل بثلاثة اتجاهات: الى الكيان الصهيوني بأنه لن يسكت على أي خرق اسرائيلي، والى أي مصدر خطر يمكن أن يطل برأسه من البوابة السورية عبر شبعا أو غيرها، والرسالة الثالثة مزدوجة الى الداخل اللبناني لتعويض ما خسره الحزب لبنانياً وبرأي كثير من اللبنانيين جراء مشاركته في الحرب السورية، والى العمق الجنوبي بأن انشغال الحزب على الحدود الشرقية لا ولم يشغله عن التأهب جنوباً.
أوساط جنوبية توقعت أن يتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته المرتقبة الى ما جرى على الحدود الجنوبية ليعلن استراتيجية الحزب المقبلة التي ستعيده الى لبنان عبر إعادة الزخم لعمله «المقاوم« من بوابة جنوبه.