البلاد على موعد في الايام المقبلة مع أكثر من محطة تؤشر الى المسار الذي سيسلكه لبنان في المرحلة المقبلة، وما اذا كان سيؤسس لبعض الفرج ام سيثبّت اللبنانيين أكثر في وضعية تدحرجهم اكثر في «جهنم الحمرا». أولى هذه المحطات اليوم التي ستشهد «المنازلة» الثانية في ساحة النجمة، استكمالا لمسار الاستحقاقات، فيما يسود ترقب موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة الجديدة الأوساط السياسية والنيابية، على وقع العمليات النوعية التي يواصل الجيش اللبناني القيام بها في البقاع، في اطار الامن الاجتماعي الوقائي.
ولان المشهد اللبناني اعتاد توالد المشاكل والملفات الخلافية عن المحطات الاساسية، برزت الى الواجهة من جديد مسالة ترسيم الحدود البحرية جنوبا بعدما نفذت تل ابيب وعودها مع اعلانها دخول ENERGEAN POWER سفينة وحدة انتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه حقل «كاريش»، وسط تضارب المعلومات عن تجاوزالسفينة الخط 29، على وقع مواقف الاطراف السياسية المختلفة، حيث اعادت ماكينة الوطني الحر التذكير بمقولة رئيس التيار بان «لا غاز من «كاريش» دون غاز من «قانا»»، وهو ما يعني «الخط 23 معدلا»، وهي المعادلة «التي قامت الدني عليها ولم تقعد» يوم طرحها باسيل، فيما رفع حزب الله من سقف مواقفه التي بلغت حد «الانذار العسكري»، بعد نشر تقارير مختلفة عن قدرته على خوض حرب بحرية ضد منصات الغاز.
بحسب المعطيات المتوافرة فان اتصالات جرت بين واشنطن وبيروت، «بموافقة» اسرائيلية افضت الى مخرج ترك للاخيرة تظهيره، اذ عمد وزير الخارجية الى «الغاء» اجتمعاته بسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، فيما تكفل رئيس الحكومة «باعلان» مبادرة لبنانية في بيان صدر عن مكتبه دعا فيه المفاوض الاميركي اموس هوكشتاين للعودة الى بيروت واعادة احياء مفاوضات الترسيم للتوصل الى حلول سريعا، وهو ما فسرته المصادر بان الدولة اتخذت الخيار الديبلوماسي لحل الازمة المرتقبة منذ مدة.
وفي انتظار اعلان الاميركيين عن موقف رسمي من «الصيغة» اللبنانية، كشفت اوساط متابعة للملف ان الموقف الرسمي حكمته ظروف محددة، اهمها، ان لبنان دخل مرحلة تصريف الاعمال بعد الانتخابات النيابية، وهو امر مشابه تماما لما حصل في المرة السابقة زمن حكومة الرئيس حسان دياب، حيث كانت الحجة الدستورية والقانونية لعدم اصدار المرسوم 6344 هي ان الحكومة غير اصيلة وغير ذات صلاحية، الا في حال قرر رئيس الجمهورية التراجع هذه المرة عن المطالعة القانونية والدستورية التي بنى على اساسها موقفه الحالي من توقيع المرسوم.
وعما اذا كانت الامور تتجه الى التصعيد العسكري، اشارت الاوساط الى ان التقارير الغربية تؤكد كلها على ان ما يجري سقفه مضبوط، فالاطراف الفاعلة واللاعبة تعرف جيدا حدود وشروط «المنازلة»، فملف منصات الغاز والنفط حول العالم مرتبط بالقوى الكبرى وبالتالي فان التوازنات المفروضة يصعب جدا كسرها، مصنفة موقف حزب الله بالتصعيد السياسي بعدما «حسبت الحارة» حساب خط الرجعة بتاكيدها مرارا على لسان الامين العام السيد حسن نصرالله «ان مسألة الترسيم متروكة للدولة اللبنانية»، مستدركة ان اي حركة عسكرية غير عادية لم تسجل .
لبنان الرسمي تحرك، وحزب الله حين يتحدث عن أنه «يتكفَّل برد فعل العدو الاسرائيلي»، يعني أنه قرر المواجهة، فهل تقع هذه المواجهة إذا ما بدأ التنقيب؟ وهل بات لبنان جاهزا لتقبل ما سيفرض عليه بعد الامر الواقع الجديد الذي فرضته «اسرائيل»؟