ترقّب لأداء الضابطين الفرنسي واللبناني لوقف الخروقات الإسرائيلية
مع مرور خمسة أيام على قرار وقف إطلاق النار ومواصلة العدو الإسرائيلي تجاهله بالكامل، طُرحت الأسئلة عن جديّة المساعي الأميركية وعن طبيعة عمل لجنة الاشراف الخماسية على تنفيذ القرار، التي لم يُعرف بالضبط متى وكيف ستتحرك لوقف محاولات جيش الاحتلال إقامة منطقة عازلة آمنة ميتة عند قرى خط الحدود وما بعده، حيث تواصلت أعمال التفجير والهدم للمنازل والمنشآت المدنية وأعمال التهجير بالضغط والتهديد للمواطنين الجنوبيين العائدين، فيما بدأت ترتسم أيضاً علامات استفهام حول نيّة رئيس حكومة العدو الإسرائيلي نتنياهو الحقيقية بوقف العدوان، خاصة بعد تهديداته بتوسيعه ليشمل إيران بعد سوريا، التي أثيرت أيضاً علامات استفهام كبيرة حول توقيت وهدف الهجوم الواسع للفصائل المسلحة المعارضة على شمال سوريا من حلب الى إدلب وحماه.
تشير عدوانية الكيان الإسرائيلي الى ان مسار العمل السياسي والدبلوماسي يسير بالتوازي مع مسعاه لتحقيق أهدافه تحت النار في كل المنطقة، وهو أمر يدلّ على ان نتنياهو ماضٍ في مشروعه الحقيقي لتغيير خريطة الشرق الأوسط سياسيا وعسكريا كما أعلن أكثر من مرة. لكن هل بنى حساباته لتنفيذ مشروعه على دعم غربي أوسع من الدعم الأميركي الواضح من إدارتي الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب. وما يؤكد هذا التوجه عدم حصول أي تحرك فعلي لتهدئة اندفاعة «الثور الهائج»، بل هناك جمود مريب يؤكد الشكوك حول النوايا الدولية في إحداث تغييرات دراماتيكية في الشرق الأوسط بما يخدم تصفية أو على الأقل إضعاف كل الدول الرافضة للمشاريع الأميركية – الغربية والإسرائيلية في المنطقة.
على كل حال مع افتراض حسن نيّة الدول الراعية لإتفاق وقف الأعمال العدائية، يجب انتظار الإعلان عن وصول الضابط الفرنسي الشريك في اللجنة الخماسية للإشراف على تنفيذ القرار، وتبيان طبيعة عمله ونشاطه ومدى تأثيره على القرار في اللجنة بحيث لا يطغى الموقف الأميركي المتماهي مع توجهات الاحتلال الإسرائيلي على عمل اللجنة. وعلمت «اللواء» انه حتى مساء أمس، لم يكن قد وصل الى السلطات اللبنانية المدنية والعسكرية أي معلومات عن الضابط الفرنسي لا من هو ولا متى يصل، ولو كان قد وصل الى لبنان لكان قام فور وصوله بزيارة تعارف الى قائد الجيش إسوة بزميله الأميركي الجنرال جاسبر.
كما يجب ترقّب اداء الضابط اللبناني في اللجنة المفترض ان يكون قائد قطاع جنوب الليطاني للجيش العميد الركن ادغار لاوندوس، وهو الذي سيعكس توجهات وموقف الحكومة أو على الأقل رئيسها، بما يؤدي الى وقف الخروقات المعادية بشكل نهائي وإلزام لكيان الإسرائيلي بآلية تنفيذ وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاق وعدم تحقيق مشروع إقامة المنطقة العازلة التي تعني تدمير كل القرى في الشريط الحدودي وتفريغها نهائياً من أهلها؟
لا شك ان موقف السلطات الرسمية اللبنانية سيكون على المحك في حال تهاونت أمام الدعم الأميركي المفتوح للكيان الإسرائيلي لتحقيق ما يريده في الجنوب بالقوة النارية والتدمير والقتل العشوائي، وأمام ما سيطرحه الأميركي والإسرائيلي في اللجنة من شروط أو مطالب تُفرض على الجانب اللبناني فقط دون الإسرائيلي، بعدما استبق العدو الإسرائيلي انطلاقة عمل اللجنة بهذا الكم من التدمير والخرق الجوي والبري لقرى الجنوب، في ما بدا من تأخير تحرّكها وكأنه «قبّة باط» أميركية – دولية ليتسنّى للاحتلال تنفيذ ما يريده خلال المهلة المتبقية على تسلّم الرئيس ترامب مهامه الدستورية، بحيث يصل الى الحكم كما يريد بـ «صفر مشاكل» في لبنان بعدما يكون الإسرائيلي قد نفّذ مشروعه.
ولا شك أيضاً ان مصداقية فرنسا على المحك أيضاً بعدما اعتبرت حسب مصادرها ان مشاركتها في لجنة الاشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار عامل توازن لمصلحة لبنان وانها ستكون «ضابط الإيقاع» لمنع الشطط والتصرف النشاز، بعدما أثبتت التجارب خلال السنوات الماضية حسن نيّة فرنسا وصدق دعمها للبنان، ولو ان مواقفها لم تكن مؤثرة كثيراً في التوجهات الأميركية والإسرائيلية حيال لبنان.