“معاً للتغيير” لا تجد مكاناً لإطلاق لائحتها والتهديدات تلاحقها
ماذا بعد الاعتداء على مرشحي لائحة «معاً للتغيير» في دائرة الجنوب الثانية؟ كيف يبدو المشهد وما هي الخطوات التي ستتّبعها؟ هل ما زالت تملك حظوظاً بالخرق، أم ضاعت الفرصة؟
صحيح أن «روّاد العدالة» تقدّموا بإخبار لدى الأجهزة القضائية لمحاسبة المعتدين، غير أن المشهد على الأرض مختلف.
عند مفترق طرق خطير، تعبر انتخابات دائرة الجنوب الثانية، صور ـ الزهراني، فهي تعدّ الأصعب بين دوائر الجنوب الثلاث لاعتبارات عدة أبرزها، أنها تشهد حركة اعتراضية لافتة، لم تشهدها صور ولا الزهراني منذ زمن بعيد، إذ لطالما اعتبرت صور المدينة مغلقة كلياً على كل الحركات التغييرية، ولم تخرج من داخل قراها أصوات اعتراضية علناً سوى بعد 17 تشرين، حيث كسرت المدينة تابو الخوف وقررت المواجهة وكسر الحصرية الثنائية، على قاعدة «يلي من حقك من حقي».
إذا، ستخوض المعارضة المنافسة في انتخابات 2022 بـ 3 لوائح تتنافس للحصول على 7 مقاعد نيابية. واحدة تدعمها المحامية بشرى الخليل وسيعلق حسن خليل المرشح معها مشاركته في ظل هذه الأجواء المشحونة، وأخرى مكتملة تحمل عنوان «معاً للتغيير» مدعومة من حراك صور والزهراني، «الشيوعي» وقوى 17 تشرين، وثالثة ولدت في اللحظات الأخيرة وتضم روبير كنعان المستقل المدعوم من «القوات اللبنانية»، قاسم داوود «أمل سابقا»، وداوود فرج يساري قديم، غير أن تفكك المعارضة بحسب المصادر «أدى إلى استفراد أحزاب السلطة بها وسيؤدي إلى تشتت في الأصوات، ويقطع الطريق عليهم للوصول إلى حاصل واحد».
ربما تكون المرة الأولى التي تجد فيها حركة «أمل» نفسها في مواجهة 3 لوائح واحدة مكتملة واثنتين غير مكتملتين بل شكل الأمر استفزازاً لمناصريها الذين اعترضوا على إطلاق لائحة «معاً للتغيير» في الصرفند، رغم إدراكهم أن الفرص غير متكافئة، وأن لا حظوظ للقوى التغييرية بالخرق لأسباب عدة من ضمنها تفككهم إلى عدة تحالفات وتباينات في الآراء وحتى بالخطاب، رغم استقراره أخيراً على خطاب المهادنة إن صح التعبير، بعدما اتبع المرشح عن دائرة الزهراني علي خليفة خطاباً عالي اللهجة موجهاً ضد سلاح «حزب الله»، غير أنه عاد وبدل الأمر بخطاب مهادن كنوع من المناورة لكسب التأييد الشعبي، ما يعني أن حظوظهم بالوصول إلى الحاصل ضعيفة، وأن لا وزن شعبيا لهم، فلماذا استفزّ جمهور «أمل» إذاً؟ أم أنها تكتيكات انتخابية من نوع جديد؟
لا شك أن المعارضة تواجه صعوبة كبرى. حتى الساعة، لم تجد «معاً للتغيير» مكاناً لتطلق منه لائحتها، ويبدو أن ايجاد المكان من المستحيلات، فلا أحد يوافق على إقامته داخل صالته بحجة «ما بدنا مشاكل» في تأكيد على حجم الهيمنة الواضحة، وهذا ما يؤكد عليه المرشح حاتم حلاوي لافتاً إلى أن «المعركة أخذت منحى آخر، باتت ترهيبية أكثر إلى حد لم نعد قادرين على تشكيل ماكينة انتخابية أو حتى ايجاد مندوبين»، ويجزم أن «معركة صور الزهراني من أصعب المعارك في لبنان على الإطلاق»، ينطلق من قاعدة الترهيب المتبعة في القرى، «بحيث يمنع علينا زيارة الناس في القرى أو حتى اقامة لقاءات انتخابية»، ومع ذلك يؤكد «أننا ماضون في المعركة حتى النهاية، ولن نستسلم».
حتماً، المعركة ستكون محتدمة، رغم تشتت المعارضة، فالاعتداء الذي حصل في الصرفند قبيل إعلان لائحة «معاً للتغيير» قلب الموازين، وحّد الخطاب المعارض لكنه لم يوحّد المواقف.
بالمفرق، يخوض المرشحون معركتهم، فكل مرشح يعمل لنفسه، يقوم بجولاته منفرداً لكسب التأييد الشعبي، ومع ذلك تقول مصادر مواكبة «إن الأجواء غير مريحة على الإطلاق، مع وجود استياء وإرباك في ظل تفكك المعارضة الصورية». ووفق المصادر «لو توحّدت المعارضة لكانت أقوى ولما استفردت بها أحزاب السلطة، لكنها أخطأت بحق نفسها وبحق الناخبين».
حماوة المعركة بدأت بقوة في هذه الدائرة تحديداً، وبدأت معها حرب البيانات والشعارات العالية اللهجة، فالكل يريد تثبيت شرعيته على الأرض، حيث الصوت الفاصل فيها للناخب ويبدو أنه سيكون بيضة القبان، في معركة جس النبض في صور.
فهل يجرؤ ناخبو المعارضة على التصويت لهم؟ سؤال يدور في الغرف المغلقة اليوم ويعقد الأمور أكثر، وبحسب حلاوي «هناك تهديدات يتلقاها داعمونا ما يجعل من المعركة مخيفة جداً، وتستدعي تدخلاً دولياً يوم الانتخاب، لأن لا ثقة لدينا بالقوى الأمنية والقضائية».
ويسأل «هل من الممكن لمرشحي المعارضة زيارة الحلوسية وبرج رحال؟ طبعاً لا، لأننا تعرضنا لتهديد مباشر من داخلهما».
لم تعد معركة القوى التغييرية في دائرة الجنوب الثانية للحصول على حاصل وحسب، بل تحولت معركة كسر عظم وإثبات حضور على الأرض، إذ بددت المناوشات والاعتداءات المتكررة على مرشحي اللوائح الثلاث المنافسة للائحة «أمل» ـ «حزب الله» كل مخاوف المعارضين، فالمعركة اليوم لها مفعول انتخابي آخر، ما حصل في الصرفند بروفا اكشن انتخابية ضدنا.